"فيسبوك وتويتر" يتفوقان على وسائل الاعلام في تغطية التظاهرات العراقية
الصفحة الرئيسية > تقارير الرصد الإعلامي > "فيسبوك وتويتر" يتفوقان على وسائل...
يرصد "بيت الاعلام العراقي" في تقرير الرابع والاربعون كيف ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تغطية تظاهرات اكتوبر في العراق، وتفوّقت على وسائل الاعلام التقليدية في كثير من الجوانب، وكيف اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مصدرا لا غنى عنه لوسائل الاعلام التقليدية في تغطياتها اليومية للتظاهرات، وكذلك كيف تطورت صحافة المواطن في البلاد بشكل سريع ولافت.
وانطلقت مطلع اكتوبر 2019 تظاهرات واسعة ضد الحكومة تطالب بانهاء الفساد ونظام المحاصصة وسوء الادارة، ووقف الاداء السياسي وطريقة الانتخابات وتشكيل الحكومات المتعاقبة، وقوبلت التظاهرات بعنف من قبل السلطة، وبعد ثلاث اسابيع في 25 اكتوبر 2019 تجددت التظاهرات لتصبح اكبر واسع وشملت عشر مدن عراقية، قوبلت بالعنف، ومازالت التظاهرات جارية حتى الان.
وتعرضت وسائل الاعلام الى تهديدات مباشرة عبر جهات مسلحة اغلقت قنوات تلفزيونية رئيسية ومدرت بعض اغراض قنوات، فيما تعرّض صحفيون واعلاميون الى تهديدات بالجملة من قبل مجهولين بسبب تغطيتهم التظاهرات، وفيما اضطر بعض الصحفيين الى وقف عمله، اضطر اخرون الى مغادرة بغداد نحو اقليم كردستان وخارج البلاد.
وترافقت هذه الاجراءات مع قرار الحكومة العراقية بحظر خدمة الانترنيت لأيام، تلتها عودته ولكن بخدمة سيئة مع حظر مواقع التواصل الاجتماعي، دفعت العراقيين الى استخدام برامج VPN لفك الحظر عن مواقع التواصل، ليتحول فيسبوك وتويتر الى اهم مصدر اخباري حول التظاهرات لوسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية، وكذلك مصدرا للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان وحرية الراي والتعبير.
وساهم تنامي اهمية مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور مدونين لتغطية الاحداث، فيما لم تخلو مواقع التواصل من اخبار مزيفة وهجمات جيوش الكترونية تبنّت حملات اعلامية لاهداف متنوعة ركزت معظمها على بث اخبار مزيفة حول التظاهرات والمتظاهرين.
وتوصل تقرير الرصد الى النتائج التالية:-
1-كشفت احداث التظاهرات عن الثغرات العميقة التي تواجه الاعلام العراقي بعد العام 2003 من الجهوية والحزبية التي تبنّت تغطيات لا تتناسب وحجم الحدث، كما كشفت الاحداث عن ان خطوات البلاد نحو الديموقراطية والمساعي لتأسيس مبادئ حرية الرأي والتعبير وحماية حرية الصحافة والصحفيين معرضة للانكسار في اي لحظة، ما يشير بوضوح الى غياب التأسيس السليم والثابت لهذه المفاهيم، اذ تعرضت وسائل اعلام الى هجمات من قبل مسلحين لمنعهم من تغطية الاحتجاجات، فيما قامت السلطات باصدار قرارات باغلاق قنوات واذاعات فاعلة، فيما استشعر الصحفيون والاعلاميون بالخطر في اداء مهمتهم بأمان.
2-تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد وبشكل لافت الى المصدر الاساسي لتغطية التظاهرات الجارية في البلاد، وذلك عبر مئات المدونين والمستخدمين العاديين الذين واظبوا على نشر اخبار التظاهرات في كل محافظة وساعة بساعة لتتفوق بشكل واسع على وسائل الاعلام التقليدية من القنوات التلفزيونية والوكالات والمواقع الاخبارية والصحف.
3-لوحظ ان اغلب المحتوى الخبري لوسائل الاعلام المتعلق بالاخبار العاجلة والـ Breaking News التي تبثه قنوات ووكالات اخبارية واذاعات مصدره مواقع التواصل الاجتماعي وذلك يشمل الاخبار ومقاطع الفيديو والصور، ولم تتردد وسائل الاعلام في نشر هذه الفيديوات والصور والاخبار عبر الاشارة الى ان مصدرها مواقع التواصل الاجتماعي، مع غياب شبه تام لتغطيات اعلامية ميدانية للاحداث واقتصارها على برامج حوارية مع المتظاهرين.
4-سجّل "بيت الاعلام العراقي" غياب التغطيات المهنية من قبل وسائل اعلام، وانقسامها الى فريقين، الاول تجاهل التغطيات بشكل كامل وانتج تغطيات مناهضة لها، او قام بتغطيتها بشكل خجول ومحدود، والثاني ساهم في تغطية التظاهرات بشكل واسع عبر البرامج الحوارية التي تدفع المتحدثين امام لوغو القنوات الى الاشادة بالقناة لاغراض دعائية اكثر منها مهنية.
5-ظهور جيل شبابي لافت واضب على التدوين حول احداث التظاهرات، وساهم في نشر صحافة المواطن على نطاق واسع، واصبحت منشورات وتغريدات هؤلاء مصدرا اساسيا للرأي العام وكذلك لوسائل الاعلام والمهتمين حول اخر تطورات التظاهرات في المدن العشرة التي تشهد تظاهرات، بل ان التغطيات شملت حتى التظاهرات على مستوى البلدات الصغيرة داخل كل مدينة، كما لوحظ حذر هؤلاء المدونين من نشر الاخبار المزيفة من الصور ومقاطع الفيديو خشية على مصداقيتهم وخسارة جمهورهم.
6-بعد رفع الحظر عن مواقع التواصل الاجتماعي، عاد الترند العراقي الى الظهور مجددا عبر الموقع الجغرافي للعراق، اذ ان استخدام برامج VPN خلال فترة الحظر ادى الى اختفاء الترند بسبب تغير الموقع الجغرافي للمدونين والمتسخدمين العامة بسبب برامج VPN.
7-بعد ساعات من عودة الترند العراقي، نشطت فجأة جيوش الكترونية بشكل واسع لتطلق هاشتاغات تضليلية، ونالت بعض هذه الهاشتاغات على ترند متقدم، لكن انخراط مدونين وغالبية العراقيين في نقل الاحداث والتعليق عليها وفقا للاخبار الحقيقية القادمة من ساحات التظاهرات ساهم في تراجع هذه الهاشتاغات، وعدم التفاعل معها، اذ لوحظ ان بعض الهاشتاغات بقيت مقتصرة التداول على الحسابات التابعة الى الجيوش والذباب الالكتروني بلا تفاعل حقيقي من الجمهور.
8-استخدمت وسائل اعلام جهوية مواقع التواصل كمصدر لتغطيات تتلائهم واجنداتها الخاصة، اذ لوحظ ان وسائل اعلام استخدمت بشكل متزامن اخبار وصور ومقاطع فيديو مزيفة تم نشرها من قبل جيوش الكترونية، كمادة اساسية في تغطياتها للتظاهرات.
التوصيات:-
1-على وسائل الاعلام على اختلاف انواعها المرئي والمقروء تطوير اليات عملها خصوصا في اوقات الاحداث الكبيرة كالتظاهرات، عبر تفعيل صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الاخبار الانية عبر مراسليها المنتشرين في المدن والبلدات حتى وان كان تصوير الفيديو والصور يتم عبر الهاتف المحمول، اذ قد لا يتمكن المراسلون من التصوير بالكاميرات المحترفة نتيجة تطورات وضع ما، كما ان عليها تشجيع صحافة المواطن عبر تخصيص ايميل او رقم هاتف لتزويدها بالاخبار الواردة من قبل الجمهور، مع التشديد على ضرورة وجود فريق متخصص في كل وسيلة اعلامية في قضية التحقق الرقمي وفرز الاخبار المزيفة من الحقيقية.
2-على وسائل الاعلام التي تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي في نشر اخبار التظاهرات، نشر صاحب الحساب الذي نشر هذه الاخبار لسببين مهمين، الاول اعطاء مصداقية للخبر ودعوة الجمهور الى الاطلاع مباشرة على صاحب الحساب والتاكد من الخبر الذي نشره على صفحته الشخصية، وثانيا لضمان حق المدون او المستخدم العادي في ملكية ما نشره من اخبار ومقاطع فيديو، اذ ان الكثير من المدونين بلا عمل ويبحثون عن فرصة للعمل في وسائل الاعلام، ويستخدم صفحته الشخصية للترويج عن خبراته واطلاعه وتغطياته للاحداث.
3-على المدونين الناشطين في تغطية التظاهرات الحذر من نشر الاخبار المزيفة، اذ ان حجم المتابعين الذين قرروا متابعة حساب ما جاء بسب ثقتهم وحاجتهم للاطلاع على ما ينشره المدونين، وان نشر خبر مزيف واحد بقصد او بدونه ما يعني انتشاره الى مئات الالاف خلال دقائق معدودة، كما ان على المدونين اكتساب الخبرة حول مجريات الاحداث السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لتجنب نشر خبر ما او اطلاق هاشتاغ يثير حساسيات او خطاب كراهية يؤدي بالنتيجة الى الاضرار بمدن او سكان او افراد بشكل كامل عبر عبارات عنصرية او تشير الى التقليل من شان مجموعات.