أخلاقيات الصحافة فى عصر الإعلام الرقمي .. تحديات التطبيق
الصفحة الرئيسية > أفكار > أخلاقيات الصحافة فى عصر الإعلام...
أحدثت ثورة المعلومات التي يعيشها العالم الآن طفرة هائلة في الصناعة الإعلامية وأنماط استهلاك المعلومات وإنتاجها ونشرها والتشارك فى مضامينها، حيث أدى هذا التطور إلى تقسيم القطاع الإعلامى إلى مجالين هما، “الإعلام التقليدي” الذي يضم الصحف والمجلات والإذاعة والتليفزيون، و”الإعلام الجديد” الذي يقوم على تدفق المعلومات عبر شبكة الإنترنت والهواتف المحمولة، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وإينستاجرام وغيرها من أدوات الاتصال الحديثة.
ولكن مما لا شك فيه أن “الإعلام الجديد” منذ نشأته في العقد الأخير من القرن العشرين، قد مثل عددا من التحديات التي فرضها على وسائل الإعلام التقليدية التي باتت تعمل في بيئة مستقرة من النواحي المهنية والأخلاقية والقانونية، وساعدها على ذلك عُمق التجربة ورسوخها عبر عقود طويلة.
وهو ما لم يتوافر للإعلام الجديد الذي يتسم بالحداثة، ومازال يعاني الكثير من المتاعب، للوصول إلى أطر وضوابط مهنية وأخلاقية وقانونية، خاصة في الدول التي عرفت هذا النوع من الإعلام في فترة حديثة نسبيا، وذلك بالمقارنة مع دول العالم المُتقدم التي استقرت فيها مثل هذه الأمور، لاكتمال مقومات مجتمع المعلومات بها، بل وانطلاقها إلى ما يعرف بـ”مجتمع المعرفة”.
ومن هذا المنطلق، علينا أن نبحث بعمق عن الضوابط المهنية للإعلام الجديد، التي لا يمكن التغافل فيها عن المعايير التقنية، التي أصبح إتقانها جانبا من المهنية الإعلامية في العصر الحديث، كما أن هذه المعايير أصبحت لها فى الإعلام الجديد تجليات مضمونية توضح صحة المعلومات ومصداقيتها والثقة بها، وذلك من خلال الروابط والنص الفائق والوسائط المتعددة وغيرها.
ولكن علينا ألا نغفل أيضا المعايير المهنية المُتمثلة في المصداقية والدقة والموضوعية، خاصة في ظل انتشار الشائعات والفتن والأكاذيب في وسائل الإعلام الجديد، وغياب عنصر التحقق من الخبر، بسبب الرغبة في الحصول على السبق الصحفي حتى ولو على حساب معيار الدقة الصحفية، هذا بالإضافة إلى ظهور عامل جديد يتمثل في (صحافة المواطن) التي باتت تُعلي قيمة الفردية والموهبة الصحفية على قيمة المؤسسية الإعلامية والاحترافية.
وبالطبع كل ذلك يقودنا إلى الحديث عن الأخلاقيات المهنية في مجال الصحافة، وكيفية الالتزام بها في العصر الرقمي، هذه الأخلاقيات عبارة عن مجموعة من القيم والمعايير التي يعتمدها أفراد المهنة للتمييز بين ما هو مقبول أو غير مقبول في السلوك المهني، ولتحقيق ذلك يتم وضع ميثاق يُبرز هذه القيم والمعايير والمبادئ وقواعد السلوك والممارسة. والتي توفر جميعها إحساسا بالذاتية المهنية، وتُسهم في تشكيل صورة واضحة عن ممارسي المهنة، وتُحدد ما يتوقعه منهم المجتمع. لذا سنحاول في هذا الملف الإجابة على بعض الأسئلة المهمة مثل كيف تأقلم الصحفيون مع وسائل الإعلام الاجتماعية؟ وما التأثير الذي أحدثته وسائل الإعلام الاجتماعية على دور الصحفيين في أداء مهامهم؟ وكيف أثرت وسائل الإعلام الاجتماعية على العلاقة بين الصحفيين والجمهور؟ وأخيرا ما هي المبادئ الأخلاقية التي يجب أن يتسم بها الصحفي أثناء ممارسة واجبه على شبكة الإنترنت؟!.