احمد كتاو: قضايا الاقليات تحت رحمة الاعلام الحزبي
الصفحة الرئيسية > تجربة > احمد كتاو: قضايا الاقليات تحت...
يرى أحمد كتاو، رئيس "المنظمة الوطنية للتنوع" في العراق ان التغطيات الاعلامية المحلية لقضايا الاقليات ليست بالمستوى المطلوب، مشيرا الى ان التغطيات تأتي من وسائل الاعلام التابعة للاحزاب المتنفذة وبالتالي يكون طرح القضية من وجهة نظر سياسية – مصلحية، فيما لا تمتلك الاقليات الامكانات اللازمة لتأسيس وسائل اعلام متحدثة عنها بعيدة عن الجهوية وقريبة من الواقع.
ويضيف كتاو في حديث مع "بيت الاعلام العراقي" ان هناك غياب لافت في اعلام متخصص له خبرة في ادارة التنوع التي تنعكس نحو انتاج تغطيات غير منصفة، كما ان الطوائف والمكونات تخشى في احيان كثيرة من التعريف بنفسها وتبقي عاداتها وتقاليدها سرية كأجراء احترازي من ردة فعل المجتمع وسط بيئة امنية وسياسية غير مستقرة.
كيف ترى التغطيات الإعلامية العراقية لقضايا الاقليات؟
اعتقد ان التغطية الإعلامية لقضايا الاقليات بعد العام 2003 لم تكن بالمستوى المتوقع والمطلوب، نتيجة عدم امكانية الاقليات الدينية والاثنية على تأسيس قنواتها ومحطاتها الإعلامية المستقلة، وكان البديل لتغطية أخبارهم، يتم عبر المنابر الإعلامية التابعة للاحزاب النافذة، والتي لا يهمها الجوانب الانسانية "الحقيقة" بقدر اهتمامها بمصالحها، والآليات التي تعتمدها لتوظيف معاناة الاقليات خدمة لها.
هل تحصل قضايا الاقليات على تغطيات إعلامية تتناسب واستحقاقها؟
بشكل عام لم تكن التغطيات الإعلامية سواء على مستوى الإعلام الرسمي "الحكومي" أو المحطات الأخرى التابعة للاحزاب السياسية تتناسب مع استحقاق الاقليات، بل كانت مغيبة تماما طوال السنوات التي سبقت العام 2014. لا سيما وان عدد كبير من العراقيين حتى الان لم يعرفوا ابسط الامور عن عادات وتقاليد الاقليات العراقية، رغم انهم يعيشون معا منذ قرون طويلة.
لكن بعد احداث العام 2014 وما اعقبها من سيطرة تنظيم "داعش" المتطرف على عدد من المحافظات العراقية وقيامه بالاعتداء على الطوائف الغير مسلمة من سبي وانتهاك وفقا لمبررات عقائدية، حتى بدأت وسائل الإعلام تتحدث عنهم وتعرفهم للمجتمع، ولكن بأسلوب خاطئ لان وسائل الإعلام المحلية تجهل ادارة التنوع.
المفارقة ان الاعلام الدولي كان المبادر الاول بالتعريف باحوال الاقليات فيما كان الإعلام المحلي مغيب تماما إلى ان وصلت الامور إلى مستويات صادمة تسببت بنكبة كبيرة على مستوى حقوق الانسان.
وبعد انتهاء المعارك العسكرية وتحرير باقي المدن عاد الإعلام المحلي لمهامه الاعتيادية ولم يعد يولي أهمية كبيرة لقصص الاقليات ما بعد الحرب.
ما المشاكل التي تواجه اعلام الاقليات؟
ثمة عدد من المشاكل التي تواجه إعلام الاقليات من بينها:
1. عدم وجود إعلام متخصص له خبرة في إدارة التنوع، لذلك تكون بعض التغطيات سلبية وغير منصفة.
2. عادة ما تخاف الطوائف الأخرى من التعريف بنفسها، لذلك تبقى عاداتها وتقاليدها سرية كاجراء احترازي من ردة فعل المجتمع.
3. الإعلام الحكومي "الرسمي" لم يقم بدوره الفاعل عن طريق دعم اقامة قنوات تكون مخصصة للتعريف في التنوع العراقي تضم ملاكات محترفة من باقي الاقليات او انتاج برامج تبث عبر شبكة الاعلام العراقي تحقق الهدف ذاته.
هل يحصل الاعلاميون والصحفيون من ابناء الاقليات على فرص متساوية مع اقرانهم في المؤسسات الاعلامية؟
رغم وجود العديد من الكفاءات الا ان فرص العمل عادة ما تتدخل بها المحاباة والقرابة وبالتالي فرص الاقليات هي اقل من فرص القوميات الكبيرة، وبنظرة بسيطة على المحطات الإعلامية نجد ان غالبيتها تعود ملكيتها لاحزاب اسلامية "شيعية/ سنية" ولا تحبذ وجود عامل من غير دين ممكن ان يؤثر على طريقة عمل الجهة الاعلامية، لذلك عادة ما يعمل الصحفيون بمؤسسات دون ذكر حقيقة انتماءهم.
ما ابرز مشاكل الاقليات عموما؟
1. مسائلة التهميش، سواء على مستوى الوظائف العامة، الترقيات، او حتى المناصب الحكومية "السيادية"، وهو ما يتضح بالتشكيلة الحكومية الاخيرة التي كانت خالية من أي منصب سيادي لوزير من خارج الاحزاب النافذة، الامر الذي يحتمل ان ينعكس سلبا على مواقفهم العامة وانتماءاتهم الوطنية.
2. نتيجة كونهم اقلية فقد تم انصهارهم مع الاوساط التي يعيشون معها، على سبيل المثال فقد الكثير منهم "لغة الأم"، وهذا غير جائز على مستوى العهود والمواثيق الدولية التي تنص على "حق كل فرد في تعلم لغة الأم".
3. فقدانهم حقهم في ممارسة عاداتهم وطقوسهم وفلكلورهم. و بوصفي متابع لوضع الاقليات، لا اجد اهتماما حكوميا كافيا في بناء دور عبادة لطوائف عديدة عدا إعادة ترميم ما موجود سابقا والذي يتم عن طريق منح دولية، فيما تعمر المدن ببناء مساجد للمسلمين وكنائس للمسيحين بشكل مستمر، وهذا يعتبر محاباة وغير انصاف، لانهم ايضا شركاء في هذا الوطن.
4. تعرضت الاقليات الدينية بوصفهم الحلقة الاضعف في المجتمع إلى اعتداءات متكررة من بعد العام 2003 وتم تهجيرهم، الاعتداء على ممتلكاتهم، دورهم السكنية، اماكن عباداتهم، وكان الفاجعة الأكبر ما فعله التنظيم "المتطرف" داعش" بهم.
كيف تؤثر الصراعات السياسية على قضايا الاقليات؟
لم تكن الاقليات العراقية بمعزل عن الصراعات السياسية، بعدما تم سلب حقهم بالمشاركة العادلة بالعملية السياسية التي قسمت الوزارات والمناصب الحكومية الخاصة، بين القوى السياسية النافذة "سنة/ شيعة/ اكراد" بحجة الانتخابات، لا سيما وان النظام الانتخابي المعمول به "سانت ليكو" يغبن حق الاقليات كثيرا، ولا يسمح بوصول شخصية منهم إلى منصب قيادي هذا من جهة.
من جهة اخرى استغل موضوع "الكوتا" سلبا من قبل الاحزاب المسيطرة على الحكم، وهو ما تجلى بالتشكيلة الحكومية الأخيرة لاقليم كردستان باعطائهم مناصب شكلية "شرفية"، ومع ذلك فانها تعبر افضل من تشكيلة الحكومية الاتحادية التي كانت خالية من أي وجه من خارج الاحزاب الكبيرة.
هل تحصل قضايا الاقليات على الدعم الكافي من قبل المنظمات المحلية والدولية لاعداد صحفيين او احصاءات وبيانات عن اوضاعهم؟
رغم وجود عدد من المنظمات المدنية المستقلة التي تعمل على قضايا التنوع من بينها "المنظمة الوطنية للتنوع" الا انها لا تحصل على اهتمام كافي "دعم مالي" من قبل المنظمات الدولية، رغم انها تقوم بعمل انساني تطوعي كبير ، وعادة ما تصرف المنظمات الدولية مبالغ هائلة على منظمات أخرى لا تقوم في أي دور يذكر.
وبسبب التهميش الذي تعرضت له الاقليات تم تغيبهم على الحضور الفعلي في عدد من المحافل المهمة بالتالي ضياع حقهم وجودهم في التمثيل العادل.
على مستوى موقف الاقليات نفسه، فكان تراكم غبن الساسة على مدى السنوات الماضية دورا في انعزالهم حماية لانفسهم من خطابات الكراهية والتميز العنصري، فضلا عن ان اعداد كبيرة منهم غادروا البلد دون رجعة، وهم ثروة انسانية وطنية يستحيل تعويضها.
ولا توجد اي احصاءات عن عدد الاقليات نتيجة عدم وجود احصاء سكاني عام، وخوف الموجودين من التعريف بانفسهم.
ما المطلوب لدعم اعلام الاقليات وايصال معاناتهم الانسانية والاجتماعية الى الرأي العام والمجتمع الدولي؟
يجب تشكيل مركز حكومي خاص بادارة التنوع وتطوير المناهج الدراسية الاولية لتعريف الاطفال بباقي المكونات من أجل رفع عملية الاستيحاش عند الجيل الناشئ.
وعلى مستوى الدراسات العليا فلابد من الاهتمام بانشاء اقسام تعنى بادارة التنوع، تحت مسميات "حوار الاديان او الاديان المقارنة وما إلى ذلك من اختصاصات تسهم بانعاش الوجود المتنوع عبر بحوث ودراسات رصينة وتشريع قانون بأسم قانون حماية التنوع وعدم التمييز، واعداد احصاء سكاني يعرّف نسب الاقليات المتواجدة داخل البلد وتلك التي غادرته بعد العام 2003 ووضع جداول لذلك.