الصحافة الاقتصادية: نقص في المعلومات وغياب في التخصص
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > الصحافة الاقتصادية: نقص في المعلومات...
يتجادل صحافيون عراقيون في مستوى تأثير الكتابة الصحفية في الشأن الاقتصادي، فيما يعزون الإخفاق إلى ندرة الصحفي الاستقصائي المتخصص بهذا القطاع وضعف التمويل والاهتمام الذي توليه مؤسسات صحفية للنشاط المالي والتجاري في البلاد.
تقول نازا محمد، المراسلة الاقتصادية في قناة الحره، إن الخلل يكمن في الصحفي الذي يتعامل مع المواضيع الإقتصادية كما يتعامل مع ملفات السياسة والأمن ة وغيرها، فضلا عن أن بعض الصحفيين الإقتصاديين العراقيين يفتقرون أحيانا إلى الاستقصاء ويكتفون بالطريقة التي يوجهه بها الخبراء ورجال الأعمال ومسؤولي الاقتصاد.
في حين، يقول باسل الخطيب، المحرر الاقتصادي في وكالة المدى برس، إن الخلل عام في الصحافة العراقية، التي تعاني من ضعف التمويل والافتقار إلى التخصص، باستثناء المجال الرياضي، إذ أن الصحفي العراقي مطالب بأن يغطي مختلف المجالات، برغم الفارق الكبير بينها، والحاجة إلى خلفية تعينه على فهم المفاتيح الأساسية، من هنا تأتي تغطية الفعاليات المتخصصة سطحية بل وساذجة أحياناً".
ويضرب الخطيب مثالاً على ما يقول، "قام أحد الزملاء الذين كانوا يغطون فعالية صناعية بكتابة (السلك التكنولوجي) بدلاً من (المسلك التكنولوجي)، أي المسار اللازم للتصنيع، منذ دخول المادة الخام للمصنع إلى خروجها كمنتج، والفرق شاسع بين المصطلحين، أو أن يعمد الصحفي المسكين إلى حشو مادته بمصطلحات غير مفهومة وغير مترابطة، وهكذا يزداد الأمر تعقيداً عند تغطية المواضيع الاقتصادية المرتبطة بحركة رأس المال والتضخم والبورصة وغيرها من الأمور التي تتطلب فهماً أولياً على الأقل، ودورات متخصصة، والأهم أقسام متخصصة في وسائل الإعلام، يعني أن يكون هنالك قسماً معنياً بالشؤون السياسية، وثانياً معنياً بالاقتصاد، وثالثاً بالرياضة.. إلخ".
ومضى الخطيب إلى القول، "عدد الصحفيين الاقتصاديين في العراق قليل، وهذا العيب لا يتعلق بالصحفيين وحدهم، إنما بكلية الإعلام والجهات النقابية المعنية بهم، فضلاً عن المؤسسات الإعلامية ذاتها، التي لا تبذل جهداً كافياً لإعداد إعلاميين متخصصين يواكبون التطورات الحاصلة في العالم".
من جهته، يقول إبراهيم صالح، وهو مراسل أقتصادي، إن الصحفي في العراق من غير الممكن أن يكون صحفياً اقتصادياً بالمعنى العملي لهذا التخصص بسبب عدم اهتمام وسائل الإعلام العراقية باقتصاد العراق باستثناء النفط الذي توفر الجهات المختصة بيانات عن أخباره ولذلك يجهل الصحفي مفاتيح الصحافة الاقتصادية مثل البورصة وأسواق العملة وآلية عملها، فضلا عن أن الاقتصاد العراقي أحادي الجانب ولذلك بقية المجالات الأخرى غير النفط لا تشكل أهمية لدى المتابعين لأنها أصلا مهملة ولا توجد مقومات لتأهيلها كما النفط".
وربما تكون صعوبة الحصول على المعلومة الاقتصادية هي مشكلة أخرى تواجه الصحفي الاقتصادي العراقي بشكل عام، حيث يقول باسل الخطيب، إن العمل الصحفي المرتبط بالنشاط الاقتصادي من أصعب أنواع الفنون الإعلامية لا لتعقيده وصعوبة فهمه أو تبسيطه للعامة حسب، إنما الأهم هو أن الجهات ذات الصلة، حكومية كانت أو خاصة، لم تتعود بعد على مكاشفة الرأي العام عن موازناتها وواقعها الاقتصادي الحقيقي، وما حققته من أرباح أو خسائر. لذلك فإنها تتعمد إغراق الصحفي بالأرقام الصماء، مثلاً (أنتجنا خمسة ملايين طن.. أو حققنا مبيعات قدرها مليار دينار) من دون مقارنتها مع السنوات السابقة، أو وجود علامات دالة تتيح للقارئ أو الصحفي ذاته".
ويعود أبراهيم صالح ليضيف، أن "هنالك ظاهرة اليوم موجودة عند بعض المسؤولين في القطاعات الاقتصادية هو عدم رغبتهم بالإدلاء بأي معلومات اقتصادية كونهم يظنون أن أي كلام حول هذه المواضيع سيكون بمثابة اتهام لهم بالتقصير لعلمهم بتراجع الاقتصاد العراقي الاستهلاكي غير الانتاجي".
إلى ذلك، يقترح بعض الصحفيين المهتمين بالقطاع الاقتصادي نقاطاً عدة يعتقدون أنها تهدف الى النهوض بالصحافة الاقتصادية منها، كما يراه الصحفي حسن حامد، هو أن يكون الصحفي الاقتصادي يمتلك جمع من المعلومات الخاصة بالاقتصاد كمعرفته بكميات الانتاج والاستهلاك والتصدير والاستيراد لبعض السلع وغيرها فضلا وجود حاجة اليوم إلى وسائل اعلام مثل فضائيات ومواقع الكترونية وصحف ورقية تتخصص في هذا المجال لخلق جيل من الصحفيين الاقتصاديين قادر على مواكبة التطور الحاصل.
ويتفق مهند البياتي، وهو صحفي اقتصادي أيضاً، مع امكانية النهوض بواقع الصحفي العراقي، مضيفا، أن تطوير المناهج الدراسية المتعلقة بالصحافة المتخصصة سواء كانت في كليات الإعلام أو المراكز الأعلامية المعنية بالتدريب والتأهيل، فضلا عن خلق تعاون جدي وفعلي بين وسائل الاعلام العراقية والصحفي العراقي من جهة والمؤسسات الاقتصادي الحكومية والخاصة من جهة اخرى تبنى على اساس احترام المعلومة وعدم تسويفها ليكون هنالك خليط متجانس يعتمد المصادقية في تناول الموضوعات.