"الوشاية" ترعب صحافيي الموصل.. والتنظيم يفتش عن المزيد لقتلهم
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > "الوشاية" ترعب صحافيي الموصل.. والتنظيم...
لم يتوقع إعلاميو الموصل، إنهم سيكونون يوماً ما، على قائمة المطلوبين لدى تنظيم “داعش”، الذي سيطر على المدينة في حزيران من العام الماضي، بل أن غالبيتهم، تعامل مع سيطرة التنظيم من خلال نقل الاخبار وتداعيات الحدث، بدءاً من حدوث انسحابات للقوات العراقية مقابل سيطرة داعش على الثكنات العسكرية وعلى المرافق المهمة والحيوية في المدينة.
ويقول الاعلامي مؤيد صالح من داخل الموصل، إن التنظيم عندما دخل للمدينة، اعلن انه لا يضمر أي حقد او انتقام او قصاص من أي من شرائح المدينة من عسكريين او مدنيين وبشتى انواع المهن، ولكن فيما بعد، تبين ان لديه قاعدة بيانات رصينة ودقيقة عن كل اصحاب المهن والوظائف في الموصل.
ويضيف أن عناصر التنظيم، يمتلكون اسماء وعناوين اغلب الموظفين واصحاب المهن في الاعلام او الوظائف المدنية بل حتى مرشحي الانتخابات وموظفي الاقتراع.
ويتابع، “يعمل التنظيم على استهداف ممنهج ضمن خطة موضوعة لترهيب الاهالي وجعلهم يطيعون التنظيم وتعاليمه، ونحن الاعلاميون نعيش في رعب يومي لأننا لا نعلم متى تتم مداهمة منازلنا بحجة واهية لغرض التصفية الجسدية”.
من جهته تقول الاعلامية شهلاء رعد، “لقد قمت بتغيير مكان سكني لإكثر من 8 مرات، وهي محاولة لإبعاد عناصر التنظيم، الذين يعتبرون أن كل إعلامي عمل في مؤسسة حكومية، خاصة في ديوان المحافظة او مجلس المحافظة، هو من ضمن المستهدفين”، لافتة إلى ان تغيير السكن في ظل سيطرة التنظيم يواجه صعوبة بالغة.
وتشير رعد، إلى أن “هناك وشاية من داخل البيت الصحفي الموصلي، ضد الاعلاميين، حيث ان عناصر التنظيم، يستخدمون وسائل واساليب عدة في اعتقال الاعلاميين، ومن ابرز الذرائع او الاسباب التي تدعو إلى الاعتقال هي عدم التوبة على يد التنظيم، او اعلان البراءة من المؤسسة الاعلامية، فضلا عن ان اي صحفي موصلي يعمل مع مؤسسة اعلامية كردية او شيعية فقد حكم على نفسه بالموت، حتى لو اعلن البراءة منها".
وبحسب مراقبين، فإنه لم يمر شهر منذ حزيران 2014، إلا وتم الاعلان عن اغتيال او تنفيذ حكم الاعدام بحق صحفيين في الموصل، خاصة ان اغلب من يتم قتلهم هم ممن تم احتجازهم بعد السيطرة على الموصل.
ويقول الإعلامي علي هيثم، إن أغلب الإعلاميين التلفزيونيين من مراسلين او مذيعين او مقدمي برامج، قد غادروا الموصل بعد سيطرة داعش على المدينة، لأنهم يعرفون ان الوجه المألوف سيكون شبهة في يوم من الايام وبالتالي يتم اعتقاله، لأن التنظيم يبحث عن الشهرة من خلال قتله صحفيين معروفين.
ويضيف، أن “الاعلاميين الذين يعملون في الصحف والاذاعات، ليس هناك خطر مباشر عليهم، لأن اغلبهم غير معروفين، الا اذا حصلت وشاية او تلفيق تهمة”، مبينا أن قائمة 2070، التي صدرت أخيراً عن عدد ضحايا التنظيم، قد تم العثور على عدد من اسماء الصحفيين معهم.
على صعيد متصل، ذكر الصحفي كامل صميم، أن الإعلاميين ممن لا يزالون داخل الموصل، يعيشون في قلق مستمر ورعب دائم، وهم يسمعون اخبار قتلى التنظيم، بل ان داعش لا يسلّم حتى جثث بعض الاعلاميين الذين قتلوا إلى ذويهم، وهذا الرعب يساور كل اعلامي داخل الموصل، لأن التنظيم يقتل ويعذب ويسجن بلا رحمة ولا شفقة”.
ويبين الصحفي، أن داعش يراقب مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية والصحف الالكترونية والفضائيات، وفي حال تم تسريب اي معلومة او حادثة داخل الموصل، يقوم بالتنقيب والتفتيش، من خلال توجيه الاسئلة للمحتجزين من الصحفيين عن من يتعاون مع المؤسسة التي نشرت الخبر، ويستمر بالبحث ويقوم بحملات اعتقال عشوائية لبعض الشباب أو البحث عن مزودي خدمة الانترنت والسؤال عن المشتركين ان كان لديهم اهتمامات صحفية أو إعلامية.
ويقول موقع “نقاش”، في إحدى تقاريره عن الموصل، إن نقابة الصحفيين في نينوى تسجل نحو” 250”شخصاً يعملون في قنوات فضائية ومحطات إذاعية وصحف ووكالات إخبارية، نصفهم تقريباً غادروا المدينة، أما من بقيّ هناك فهاجس الاعتقال وربما القتل يكاد لا يفارقهم.
ويضيف الموقع أن إعلاميين كثُر عجزوا عن دخول إقليم كردستان العراق، الملاذ الآمن للفارين من بطش الإرهاب، فبعد تمدد التنظيم في مناطق متاخمة للإقليم وفرض جهاز الأمن الكردي (الاسايش)، تشديدات على مداخله صارت بطاقة العمل الصحفي غير مجدية تماماً.
ونشر مرصد الحريات الصحفية، خبراً مفاده ان تنظيم داعش اعدم طالباً يدرس في جامعة الموصل قسم الاعلام بعد التقاطه لصورة صحفية من داخل منزله لاحدى العجلات المتفحمة، عند استهدافها من قبل طيران التحالف الدولي.
وتمت عملية الاعدام، بعد مرور اسبوع على اختطافه من قبل التنظيم والتحقيق معه، بسبب انتشار الصورة التي التقطها في وسائل الاعلام المحلية.
وقال ممثل مرصد الحريات الصحفية (JFO) في مدينة الموصل، ان تنظيم “داعش” قام الاسبوع الماضي باختطاف طالب الاعلام زهير كنان النحاس من منزله في منطقة المثنى شرقي الموصل، بعدما انتشرت صورة في وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، تظهر سيارة محترقة يستقلها قيادي في تنظيم “داعش” استهدفها طيران التحالف الدولي بصاروخ من الجو.
واضاف، ان التنظيم “تمكن من تحديد موقع التصوير من خلال الصورة التي نشرت في عدد من وسائل الاعلام المحلية اضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، مما دفع عناصره إلى اختطاف النحاس واحتجازه في مكان غير معلوم والتحقيق معه لمدة اسبوع ومن ثم اعدامه وتسليم جثته إلى الطب العدلي وهي مصابة بطلق ناري في منطقة الرأس والصدر”.
زهير كنان النحاس يبلغ من العمر 20 عاماً، وهو طالب إعلام في جامعة الموصل بالمرحلة الثانية وهو الابن الوحيد لأهله.
وكان تنظيم داعش اختطف، الجمعة (30 آب الماضي)، اربعة طلاب يدرسون في جامعة الموصل في كلية الاداب قسم الاعلام بتهمة التواصل مع مؤسسات صحفية عراقية واجنبية.
وقال سكان محليون من المدينة، ان الطلاب الاربعة الذين تم اختطافهم، “متهمون من قبل التنظيم بنشر الاخبار والمعلومات في وسائل الاعلام العراقية والاجنبية كونهم من الطلاب المتميزين في كلية الاعلام”. حسبما ابلغهم عناصر التنظيم.
وبحسب إحصاءات مرصد الحريات الصحفية، فإن تنظيم “داعش” مازال يحتجز كتاب وصحفيين ومصورين في محافظة نينوى. القسم الأكبر منهم اختطف في العاشر منذ حزيران (يونيو) من عام 2014، منهم الإعلامي مهند العكيدي، والمصور الصحفي علي النوفلي.
بينما قام التنظيم في نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 2014 باختطاف ثلاثة آخرين، هم مراسل وكالة “عين الاخبارية” محمد ابراهيم وشقيقه صميم ابراهيم الذي يعمل بصفة مصور فوتوغرافي في ذات الوكالة ومراسل قناة “الموصلية الفضائية” عبد العزيز محمود، بالاضافة إلى طلاب الاعلام الاربعة.
ويبقى إعلاميو الموصل، بانتظار الفرصة المناسبة للخروج من المدينة، بعد ان اصبح شبح داعش يلاحقهم من مكان إلى اخر، خاصة انه يعتقل ويخطف ويقتل بالشبهة، ومن اجل ترويع الاخرين.