خبراء: الإعلام الاقتصادي المحلي بلا تأثير
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > خبراء: الإعلام الاقتصادي المحلي بلا...
يخصص "بيت الاعلام العراقي" الجزء الثاني من رصد "الصحافة الاقتصادية.. تغطية سطحية بلا معلومات"، استطلاعا واسعا لمجموعة من الخبراء والمختصين في الشان الاقتصادي لتشخيص طبيعة الاعلام الاقتصادي في وسائل الاعلام المحلية العراقية، ويتفق هؤلاء الخبراء على ان تناول الإعلام العراقي للشؤون الاقتصادية لا يزال "سطحياً" ويفتقر للتحليل كونه أسير لمواقف الجهات السياسية الممولة لغالبية وسائل الإعلام، وعدم اكتراث الجهات الحكومية به، وغياب المعلومات والافتقار للشفافية، وضعف اهتمام كليات الإعلام به وبالصحافة المتخصصة عموماً.
كما سجل الخبراء ملاحظات مهنية على العاملين في الاعلام الاقتصادي، واوضحوا ان أن عدم الكفاءة وضعف الخبرات وتسلط الحكومة جعل العديد من الصحافيين "أبواقاً للسلطة" ما أدى لإخفاء معلومات مهمة عن الرأي العام، وأكدوا على ضرورة انفتاح الدوائر المعنية على الإعلام، وحرص الجهات الإعلامية على الارتقاء بمستوى ملاكاتها وتأهيلها بالجانب الاقتصادي.
ملاذ الأمين: الإعلام الاقتصادي يعاني تأثيرات المال السياسي وانعدام الشفافية
يرى نائب رئيس مركز الإعلام الاقتصادي ملاذ الأمين، أن تأثير الإعلام الاقتصادي ما يزال ضعيفاً، كونه أسير لنظرة الجهات السياسية الممولة لغالبية وسائل الإعلام، وعدم اهتمام الجهات الحكومية به، وغياب المعلومات والافتقار للشفافية، برغم تفاؤله بدور مركز الإعلام الاقتصادي في الارتقاء بهذا الفن الإعلامي، ويدعو المؤسسة الإعلامية إلى إدراك أهمية الجانب الاقتصادي، ينبغي عليها تطوير كفاءات الصحفيين في هذا الجانب من خلال زجهم في دورات لزيادة مهاراتهم ومعلوماتهم، مثلما يحث الجهات الحكومية على عدم حجب المعلومات والبيانات عن الإعلام، وأن تتجاوب مع طروحاته الاقتصادية.
ويقول الأمين رداً على سؤال "بيت الإعلام العراقي" بشأن نظرته لتناول الإعلام العراقي الجانب الاقتصادي إن الإعلام العراقي دخل بعد عام 2003 في أفق الحرية إلا أن هذه الحرية منحت للجهات الحزبية المتصارعة على السلطة لتأسيس مؤسسات تابعة لها تتكلم بلسانها، لذا فإن الإعلام الاقتصادي أصبح أسير للنظرة الايديولوجية للحزب أو الجهة السياسية الداعمة، فهو يمجد الأخطاء في بعض الأحيان، ويعيب على الخطوات التصحيحية في المجال الاقتصادي على وفق ايديولوجية الجهة الداعمة له.
ويضيف أنه برغم وجود إعلام اقتصادي مستقل يتبع جمعيات أو منظمات مجتمع مدني مستقلة أو مراكز بحثية تؤشر حالات الانحراف في السياسة الاقتصادية، وتطري بالمديح على المبادرات الناجحة في الجانب التنموي للقطاعات الإنتاجية، إلا أن تلك الدراسات أو التحليلات الاقتصادية لم تجد من يأخذ بها من الجهات الحكومية أو البرلمانية ذات العلاقة، ما يعني أن تأثير الإعلام الاقتصادي على الواقع ما يزال ضعيفاً بسبب افتقار التحليلات الاقتصادية إلى الأدلة المقنعة أو البراهين العلمية والأكاديمية.
وبعد عام 2011 ظهرت شريحة من الإعلاميين المتخصصين بالشأن الاقتصادي، تلقى أفرادها دورات مكثفة في التحليل والدراسة الاقتصادية أقامتها مؤسسات عالمية مرموقة، مثل فرانس بريس، بي بي سي ورويترز، لإعدادهم كمراسلين اقتصاديين في العراق، حيث تمكنت هذه الشريحة من التلاقح في أفكارها ومسيرتها مع الخبراء العراقيين في حقل النفط والمال والتجارة والصناعة والسياحة والزراعة والنقل، ما أدى إلى تقدم الإعلام الاقتصادي، إذ خصصت أغلب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مساحات لتسليط الضوء على الواقع والسياسة الاقتصادية والقرارات الحكومية وتأثير اقتصاديات البلدان المجاورة على العراق.
ويعرب الامين عن اعتقاده بأن هذه الشريحة من الإعلاميين الاقتصاديين سيكون لها دوراً كبيراً في تدريب زملاء جدد في هذا الحقل لرفد المنظومة الإعلامية بحقل مهم يمس حياة البلاد والمواطن.
ومن ضمن هذه الشريحة مركز الإعلام الاقتصادي إذ تأسس في عام 2009 ونفذ عدة فعاليات للفت الأنظار نحو منع استيراد ألعاب الأطفال المتعسكرة والمضرة، وإقامة الندوات الحوارية بحضور المسؤولين الحكوميين لتنمية قطاعات الزراعة والنفط والصناعة المحلية.
كما شارك المركز بتدريب مجموعة من الزملاء في دورات الصحافة الاقتصادية أقيمت أغلبها في الأردن والسليمانية وكربلاء والنجف وبغداد، لشرح أبعاد الإعلام الاقتصادي والتعريف بالمصطلحات وأنواع النفوط وأسعارها والتنمية وتأثرها بالمجتمع وانعكاساتها على الاقتصاد المحلي والقومي.
وبشأن كيفية النهوض بالإعلام الاقتصادي العراقي.. يقول الأمين إن النهوض بواقع الإعلام الاقتصادي يتطلب توافر جانبين، أولهما المؤسسة الإعلامية الراعية، والثاني الجهات الحكومية وعندما تكون المؤسسة الإعلامية مدركة لأهمية الاقتصاد، ينبغي عليها تطوير كفاءات الصحفيين في هذا الجانب من خلال زجهم في دورات لزيادة مهاراتهم ومعلوماتهم.
وفي الاتجاه الثاني، على الجهات الحكومية ألا تحجب المعلومات والبيانات عن الإعلام، وأن تتجاوب مع التحليلات الاقتصادية التي تتناولها الجهات الإعلامية المختلفة، ما يؤدي إلى تطور المنظومة الديمقراطية والرقابية الهادفة إلى رقي المجتمع وعبور حواجز الفساد والتقيد بموجبات التقدم والتطور الناجح.
أنمار وحيد: لا سبيل للتقدم بدون وسائل إعلام متخصصة
بدوره يرى التدريسي في كلية الإعلام جامعة بغداد ومؤلف كتاب الصحافة المتخصصة: دراسة للصحافة الاقتصادية في العراق، د. أنمار وحيد، إن الإعلام العراقي لا يزال بعيداً عن الجانب الاقتصادي، بل ويكاد يتجاهله إلا حين يكون متناغما مع الجانب السياسي، ويؤكد أنه بدون وسائل إعلام متخصصة لا سبيل إلى التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي.
ويقول وحيد رداً على سؤال "بيت الإعلام العراقي" بشأن نظرته لتناول الإعلام العراقي الجانب الاقتصادي وسبل الارتقاء به إن الإعلام العراقي لا يزال بعيداً كل البعد عن هذا الجانب من حيث تواجد الصحف التي تتعامل مع الجانب الاقتصادي باستثناء تجربة متواضعة لجريدة (الوسيط)، وإن كان اعتمادها إعلاني مدفوع الثمن بعيد عن الجانب التحليلي للواقع الاقتصادي، والأمر موصول لعمل الفضائيات العراقية التي تكاد تتجاهل الجانب الاقتصادي إلا حين يكون الأمر متناغما مع الجانب السياسي، في حين أن الاستقلال السياسي لا يمكن أن يتم ما لم يكون هنالك استقلال اقتصادي، لأن الإعلام يمثل العمل الأساس في عملية التنمية، وإن كان من الصعب معرفة المدى الذي يبلغة ذلك، إلا أنه من المسلم به اليوم أنه بدون وسائل إعلام متخصصة لا سبيل إلى التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، والبعض الآخر يحذر من الكتابة للصحافة، بل يحيط نفسه بحالة من الحذر.
وفي الميدان الأكاديمي، لاسيما في كليات الإعلام، فإنها استطاعت أن تدرج اقتصاديات الإعلام كمادة مهمة في الدراسة، يتم تدريسها في المرحلة الثانية، لكنها تبقى قاصرة على تطوير طاقات الطلبة في الجانب النظري، لأن الطالب بحاجة لأن يمارس مثل هذا التخصص، لا أن يكون مجرد محاضرة تقرأ في الملزمة.
ويرى وحيد أن الدولة لا تستطيع على المدى القريب، أن تحقق طفرة في الإعلام الاقتصادي، أي اطلاق فضائيات متخصصة، لأن عليها أن تعمل على معالجة عوامل الإنتاج كي تكون الأرض صالحة لبذر البذور، وبالتالي الانطلاق بهذا الجانب من خلال العمل الإعلامي المتخصص وإيجاد المزاوجة بين التخصص الأكاديمي والمهني للارتقاء بالعملية الإعلامية المتخصصة.
حسن كامل: صحافة الصدفة مسؤولة عن ضعف الإعلام الاقتصادي
إلى ذلك يرى الإعلامي والتدريسي في كلية الإعلام جامعة بغداد، د. حسن كامل، ان ضعف الإعلام الاقتصادي وسطحيته ناجماً عن عدم اهتمام المؤسسات الإعلامية بهذا الجانب أو السعي لإعداد وتأهيل ملاك متخصص يتعامل معه بوعي، فضلاً عن مجيء معظم العاملين في الحقل الإعلامي لهذا الوسط بـ"الصدفة".
ويقول كامل، رداً على سؤال "بيت الإعلام العراقي" بشأن نظرته لتناول الإعلام العراقي الجانب الاقتصادي وسبل الارتقاء به إن معظم الصحفيين الاقتصاديين يفتقرون للتأهيل الكافي، جاءوا إلى هذه المهنة بالصدفة، من دون إعداد أو تأهيل كافيين، بالتالي فإنهم يفتقرون للأدوات التي تؤهلهم لممارسة العمل الصحافي بعامة والاقتصادي منه بخاصة الذي يتطلب فهماً ودراية لمختلف المصطلحات والأمور الاقتصادية، ما أدى إلى اعتمادهم على البيانات الرسمية والمتابعات الخبرية والترجمة بدون تحليل أو عمق.
ويعزى هذا الضعف إلى أمرين، أولهما عدم وجود اختصاص دراسي إعلامي أساساً، والثاني درس الإعلام لكنه يفتقر للدراية بالجوانب الاقتصادية، لأن اهتمام الصحفي الاقتصادي ينبغي أن يكون منصباً على مختلف الشؤون الاقتصادية وهو ما لا يحدث في العراق، لأن الأمور محكومة بالصدفة.
ولا بد من الإشارة إلى أن المؤسسات الإعلامية تتحمل هي الأخرى مسؤولية التقصير في الجانب الاقتصادي، إذ ينبغي أن تحرص على تدريب وتأهيل ملاك متخصص بالشؤون الاقتصادية ليكون مؤهلاً على التعاطي معها وتغطيتها بوعي.
سلام سميسم: عدم الكفاءة وتسلط الحكومة جعل العديد من الصحافيين أبواقاً للسلطة
في المقابل ترى الخبيرة الاقتصادية د. سلام سميسم، تناول الإعلام العراقي لا يزال سطحي يجهل كيفية تناول المواضيع الاقتصادية وتوظيفها، وأن البعض من الإعلاميين العاملين بهذا المجال يعمدون إلى تلميع صورة "الفاسدين" مقابل ثمن مادي، وإن العديد منهم "باعوا حريتهم وتحولوا إلى أجراء للسلطة"، ما أدى لإخفاء معلومات مهمة عن الرأي العام، تتعلق بالتزوير والفساد وغسيل الأموال بل وحتى تمويل الإرهاب، وتؤكد أن النهوض بواقع الإعلام الاقتصادي العراقي، يتطلب انفتاح الدوائر المعنية على الإعلام، ووجود إعلام يتمتع بحرية تعبير حقيقية، والشفافية في إتاحة المعلومة الاقتصادية وتناولها، مع ضرورة حرص الجهات الإعلامية على الارتقاء بمستوى ملاكاتها وتأهيلها بالجانب الاقتصادي.
وتقول سميسم، رداً على سؤال "بيت الإعلام العراقي" بشأن نظرتها لتناول الإعلام العراقي الجانب الاقتصادي وسبل الارتقاء به إن أغلب العاملين بالإعلام غير ملمين بالجانب الاقتصادي، لافتقارهم إلى المعرفة وعدم وجود معايير متفق عليها لتناول القضايا الاقتصادية إعلامياُ، لذلك تفتقد غالبية وسائل الإعلام إلى الجانب التحليلي في تناول الشؤون الاقتصادية، أو كيفية توظيف المعلومة الاقتصادية لخدمة الواقع السياسي بنحو علمي سليم، كما أن البعض من الاعلاميين الذين يدعون أنهم اقتصاديين، يعمدون إلى تلميع صورة "الفاسدين" مقابل ثمن مادي، وإن العديد من أولئك باعوا حريتهم وتحولوا إلى أجراء لصالح السلطة، نتيجة تداعيات التوجهات السياسية "التسلطية" للحكومة السابقة، برئاسة نوري المالكي، ما أدى إلى ضبابية في الطرح، وإخفاء معلومات مهمة عن الرأي العام، تتعلق بالتزوير والفساد وغسيل الأموال بل وحتى تمويل الإرهاب.
ولفتت سميسم الى إن هناك الكثير من المعلومات الاقتصادية التي يمكن أن تؤثر على الواقع السياسي في العراق، لكن لم يتم التطرق إليها أو تناولها لأسباب عدة، منها طريقة النظام "الشمولي" الذي يورد المعلومة الاقتصادية كمنجز من منجزات "الحكومة" كما كان سائداً زمن النظام السابق و"حكومة الثورة"، وكمثال على ذلك، لم يناقش أحداً تأثير إطلاق السلف أو القروض، على الواقع الاقتصادي حالياً ومستقبلاً.
وتشير الى إن الاعلاميين يتناولون الأرقام وينشرونها من دون معرفة دلالاتها أو تأثراتها أو تحليلها أو مقارنتها، برغم أنها صماء، وقد تكون خادعة أحياناً، لأن من السهل معرفة حجم الموازنة العامة للدولة مثلاً، لكن من الصعب جداً تحليل مضمونها.
وتضيف الخبيرة الاقتصادية ان النهوض بواقع الإعلام الاقتصادي العراقي، يتطلب انفتاح الدوائر المعنية على الإعلام، ووجود إعلام يتمتع بحرية تعبير حقيقية، ووجود الشفافية في إتاحة المعلومة الاقتصادية وتناولها، مع ضرورة حرص الجهات الإعلامية على الارتقاء بمستوى ملاكاتها وتأهيلها بالجانب الاقتصادي من خلال دورات مستمرة.
علي طارق: رابطة المصارف مستعدة للمساعدة ببناء قاعدة من الصحافيين الاقتصاديين
ويتفق المدير التنفيذي لرابطة المصارف العراقية علي طارق، مع الرأي القائل بسطحية تعامل الإعلام العراقي مع الجانب الاقتصادي، ويبدي استعداد الرابطة الإسهام في إقامة دورات أو ورش عمل مجانية، لإيجاد قاعدة من الصحفيين القادرين على التعامل بوعي مع مختلف الشؤون الاقتصادية.
ويقول طارق، رداً على سؤال "بيت الإعلام العراقي" بشأن نظرته لتناول الإعلام العراقي الجانب الاقتصادي وسبل الارتقاء به إن تناول الإعلام العراقي للشؤون الاقتصادية لا يزال خبرياً يفتقر للتحليل، بل إن بعض وسائل الإعلام تنشر المواد الاقتصادية لاسيما الأرقام، بنحو غامض أو مغلوط، نتيجة ضعف الخبرة وعدم الإلمام بهذا الجانب الحيوي في حياة المواطن والبلد.
ويلفت الى انه عند تناول الإعلام لمشكلة مجموعة من المصارف الخاصة وكيفية معالجتها من قبل البنك المركزي العراقي، نجده أغفل الأسباب التي أوصلت تلك المصارف إلى وضعها الحالي، وما إذا كانت ناجمة عن عوامل داخلها أو خارجة عن إرادتها، وما هي الحلول الممكنة، كما لجأت وسائل الإعلام إلى التعميم على مجمل القطاع المصرفي ما أثر على مستوى الثقة به، في حين أن المصارف المتلكئة هي أربعة فقط من مجموع 58 مصرفاً أهلياً في العراق.
ويقول طارق إن رابطة المصارف العراقية مستعدة لتدريب الصحفيين الراغبين بالتخصص بالجانب الاقتصادي بعامة والمالي والمصرفي بخاصة، من خلال إقامة دورات أو ورش عمل مجانية، بنحو يسهم في إيجاد قاعدة من الصحفيين القادرين على التعامل بوعي مع مختلف الشؤون الاقتصادية، ذات الأهمية الاستثنائية في حياة المواطنين والأمن الوطني.