فضائيات عراقية تُسرح العشرات من صحفييها
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > فضائيات عراقية تُسرح العشرات من...
دخل محمد مؤيد إلى مقر قناة السومرية المحلية في بغداد ليمارس عمله المعتاد كحمرر للأخبار كما يفعل كل يوم، إلا أنه وجد نفسه مطروداً من العمل من دون أن يحصل على تبلبغ مسبق من قبل إدارة القناة، وفي اليوم ذاته، كان عدد من زملائه يحزمون أغراضهم ليتركوا العمل في القناة ذاتها.
ليست هذه المرة التي تقوم فيها مؤسسة محلية عراقية بتسريح صحفييها من العمل دون أن تبليغهم مسبقاً، فقبل ذلك قامت فضائيتا الرشيد والفيحاء بهذا الإجراء وبقى بسببهما العشرات من الصحفيين دون عمل إلا بعد أشهر طويلة.
قبل نحو شهر ونصف الشهر، قامت فضائية السومرية التي يملكها رجل أعمال لبناني بتسريح ما يُقارب الـ(70) موظفاً أغلبهم من الصحفيين، في حين لم تقم الفضائية بمنحهم رواتب إضافية كتعويض الإستغناء عن الخدمات، ولا حتى شُكرهم على الجهود التي بُذلت خلال فترات عملهم في المؤسسة.
وقال محمد مؤيد وهو محرر أخبار في السومرية، لـ”بيت الإعلام العراقي”، ”تفاجأت حال وصولي إلى مقر القناة في بغداد بأحدهم وهو يطلب مني الصعود إلى مدير الإدارة في الفضائية، حيث تحدث معي الاخير بطريقة لا تليق بي كصحفي ولا بالمؤسسة التي أعمل بها، وطلب أن أُسلمه هوية الفضائية والتوقيع على براءة الذمة".
وأضاف أن "هذا الإجراء لم ينظر إلى العامل الإنساني والإلتزمات المترتبة على الصحفي، ولم يحترم المهنة قبل كل شيء، فلو كان الإستغناء عن خدماتي بسبب خلل في عملي لما إعترضت، لكن اي تقصير لم يبدر مني، ولا اعرف حتى الان لماذا تم الاستغناء عن خدماتي بهذه الطريقة".
ووصف مؤيد الإجراء الذي قامت به مؤسسة السومرية الفضائية، بأنه "إستخفاف بمشاعر ومهنة الصحفي"، لكنه يُحمل في ذات الوقت "نقابة الصحفيين العراقيين التي "لم تعد تفقه ما تعمل بهذه المهنة، حيث منحت كلمة ولقب وهوية صحفي لما وصفهم بـ"الطارئين"على المهنة".
من جانبها، قامت فضائية “دجلة” المملوكة للسياسي جمال الكربولي قبل عام بإنهاء خدمات قسم الأخبار في مكتب بغداد بشكل كامل.
والأمر ذاته حدث مع قناة الحضارة التابعة لوزارة الثقافة العراقية، وقبلها قناة الحرية الفضائية التابعة لحزب الإتحاد الوطني الكردستاني، كما فعلت قناة العراقية الفضائية التابعة لشبكة الإعلام العراقي الممولة من الدولة، بحسب مراسل فيها.
وقال محمد جبار الذي كان يعمل مراسلاً بصفة عقد في قناة العراقية الإخبارية، “كنت في فترة إجازة من العمل وبعد العودة إليه تفاجئت بوجود كتاب إنهاء خدمات سُلم له من قبل إدارة القناة، دون وجود أي تبليغ سابق له، وعندما سأل مسؤوله المباشر قال له انه لا يعلم".
ولا تبتعد قصة جبار الذي كان يعمل في العراقية، عن قصة علي جواد الذي كان يدير قسم الأخبار في مكتب بغداد بقناة دجلة، عندما كان يُحضر ليوم عمل جديد، لكنه تفاجئ بإتصال يُنهي خدماته مع ثمانية صحفيين آخرين.
ويعبر جواد عن خوفه من عدم وجود قانون يضبط وسائل الاعلام بتعاقدها مع الصحفي بإنها باتت "أخطر من الإرهاب"، لأنها تُسيء للمهنة وتُسهم في خلق حالة من الفوضى وتضر الصحفي بالدرجة الأساس، بحسب قوله.
وتُلزم المادة 13 من قانون حقوق الصحفيين الذي صدر عام 2011، الجهات الإعلامية المحلية والأجنبية العاملة في جمهورية العراق بإبرام عقود عمل مع الصحفيين العاملين في تلك الجهات وفق نموذج تعده نقابة الصحفيين في المركز أو الأقاليم. ويتم إيداع نسخة من العقد لديها.
ويقول المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حقوق الصحفيين، ياسر السالم، إن "قانون حقوق الصحفيين لم تطبقه الحكومة بشكل كامل، فهذا القانون فيه الكثير من المساوئ، التي تبدأ من العقوبات التي فرضها على الصحفيين ولا تنتهي عند تفعيله قوانين مقرة في زمن النظام البائد، لذا عمدت الحكومة الى تفعيل السيء في القانون وتجاهل ماهو ايجابي فيه مثل مسألة عقود الصحفيين".
ويضيف، ”الازمة المالية التي يمر بها العراق، نالت الصحافة منها الشيء الكثير، فهناك مؤسسات اغلقت واخرى سرحت صحفييها، لاسيما وان اغلب وسائل الاعلام العراقية تابعة للاحزاب التي تعيش على المال العام، وليست مؤسسات إعلامية متكاملة قادرة على تمويل نفسها".
ويؤكد السالم أن "الفترة الاخيرة من هذه السنة سرحت بعض وسائل الاعلام العشرات من صحفييها دون سابق انذار، ورغم سعينا كجمعية لمقاضاة هذه المؤسسات التي سرحت الصحفيين بشكل غير قانوني، لكننا فشلنا لأن اغلب أؤلئك الصحفيين يعملون من دون عقود".
حتى الان لاتوجد أي مؤسسة عراقية عملت بذلك، فبعض الصحفيين لا يعرفون أين يلجأون في حال تعرضوا للطرد أو لم يحصلوا على مستحقاتهم من المؤسسات التي عملوا فيها، في وقت توجد نقابتين للصحفيين في العراق وعدد من المنظمات المدافعة عن "حقوقهم".
الخبير في القانون الدولي الدكتور علي التميمي، قال إنه "بموجب قانون حقوق الصحفيين لايجوز انهاء العقود دون مبرر اوسبب قانوني، لان العقد شريعة المتعاقدين، هذا اذا كان المتعاقد منتمي لنقابة الصحفيين، وان لم يكن منتمِ لها وكان العقد مفتوحا وتم فسخه دون وجود سبب، فإنه بإمكان الصحفي اقامة دعوى قضائية على المؤسسة في محكمة البداءة والمطالبة بتعويض مادي ومعنوي".