مدير مركز الشارقة الإعلامي: الاتصال الحكومي دون مستوى الجمهور
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > مدير مركز الشارقة الإعلامي: الاتصال...
أكد رئيس مركز الشارقة الإعلامي سلطان بن أحمد القاسمي، أن الاتصال الحكومي يواجه تحديات عدة في المنطقة العربية، أبرزها عدم توافر إدارات متخصصة في هذا الشأن على مستوى بعض الإدارات الحكومية، معتبراً أن دمج عمل العلاقات العامة بالاتصال الحكومي هو من الأخطاء المهنية الشائعة، ويعكس عدم إدراك أهمية الاتصال الحكومي والغاية منه وسبل التعامل مع الرسائل الموجهة إلى الجمهور المستهدف.
وأوضح أن مجموعة من الجهات الحكومية في العالم العربي لا تزال تفتقر إلى مهارات الاتصال بالجمهور، ولا تُحسن التعامل مع الأزمات في حال حدوثها، لافتاً إلى أنه على رغم التطوّر الذي باتت تشهده بعض الأجهزة الحكومية، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود، لتحقيق اتصال حكومي فعّال وإيجابي.
وقال القاسمي، في تصريحات نقلتها صحيفة "الحياة" اللندنية، "ما يدفع بعض الحكومات العربية إلى عدم تفعيل الاتصال بشعوبها، هو صعوبة تغيير أنماط الاتصال التقليدية التي اتبعتها عقوداً، وكذلك عدم توافر المعرفة أو الآلية الصحيحة لإجراء هذا التغيير، وأيضاً عدم توافر الكوادر القادرة على مجاراة التغيير، فالمتابِع للوضع السائد عربياً الآن يجد أن قدرة الجمهور تطورت على مستوى تناقل الأخبار في شكل مباشر، ومن دون الحاجة إلى المرور بالوسيط التقليدي، وهو الإعلام للقيام بذلك. والأخطر من ذلك أنه باتت هناك قدرة على ترويج الإشاعات ونشرها بسهولة، وهو ما يعني أن إدارات الاتصال الحكومي اليوم أصبحت على عاتقها مسؤولية أكبر بكثير من تلك التي كانت في السابق، إذ بات من المستحيل انتظار المسؤول للإدلاء بتصريح رسمي لكل ما تتناوله وسائل الإعلام الاجتماعي مثلاً، فهذه المسؤولية تقع على عاتق فريق الاتصال الحكومي. ولكي يتمكن هذا الفريق من القيام بهذا الدور، عليه اتباع خطة اتصال واضحة موضوعة مسبقاً، وأن يتمتع بالإمكانات والصلاحيات اللازمة التي تسهم في تصحيح الأمور ودعم صدقية الجهة التي يمثلها بدلاً من أن يزيد من تعقيدها".
واعتبر أن الأعوام الخمسة الماضية أظهرت شيئاً من الاهتمام لدى الحكومات العربية بعملية تفعيل الاتصال الحكومي، مشيراً إلى أن "الربيع العربي" دقّ ناقوس الخطر ليشير إلى أن الحكومات التي لا تزال تصرّ على اتباع سياسات التعتيم الإعلامي أو عدم الرد أو في ما يُسمى سياسة الاتصال من طرف واحد، ستواجه مجموعة من المشكلات والتحديات والتغيرات التي يمكن تفاديها. ورأى أن تغيّر تقنيات الاتصال ووسائله وأساليبه وعدم اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام التقليدية للحصول على الأخبار يتطلّبان تحرّكاً من الحكومات، لكسب ثقة شعوبها وإثبات صدقيتها، لكون الوسائل الجديدة توجِب سرعة استجابة وشفافية بالغة ترافقهما القدرة على التعامل مع الأزمات.
وأضاف، "للاتصال الحكومي أهمية في دعم صدقية الحكومات مع شعوبها، وهو ما لا يتحقق من دون الوصول إلى الحد الأدنى من الشفافية في الإجابة على متطلبات الجمهور واستفساراته وتساؤلاته، علماً أن الاتصال الحكومي يعدّ سلاحاً ذا حدين، فهو إما أداة لتوثيق العلاقة بين الحكومات والشعوب، وإما أداة لهدمها، أمّا في ما قد يراه بعضهم أن الشعوب العربية متأخرة، مقارنة ببعض دول العالم، فإننا نؤكد أن شعوبنا على المستوى التكنولوجي ليست متأخرة، فمعدلات مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في منطقة الخليج العربي مثلاً تفوق معدلات دول متقدمة، إلا أن التأخر الحاصل هو على صعيد التطور نحو تبنّي آليات الاتصال الحديثة، وتغيير الفهم الخاطئ بأنها سلاح بأيدي الطرفين، نحو استيعاب أنها أداة اتصال فعال تساهم في التقريب بين الحكومات والشعوب. فهذا الواقع يُظهر أن هناك ثغرة في سرعة مواكبة الحكومات في الدول العربية للتغيرات في تقنيات الاتصال الحكومي، فالعالم لا يزال يتأقلم مع التطور والانتشار السريع لوسائل الإعلام الاجتماعية، ويدرس تأثيرها في المجتمعات وعملية التواصل والاتصال بشكل عام، ولا تزال معظم آليات التعامل معها في طور التقدم أو ما يمكن تسميته مرحلة التعلم والتصحيح".
وشدّد على أن التباطؤ في استجابة الجهات الحكومية يساهم في ضعف صورتها، لافتاً إلى أن الأخبار الصحيحة خلال الأزمات مثلاً لا يجوز إخفاؤها عن الشعوب، وإنما إيضاحها بالتفصيل مع الخطوات التي ستتبعها الحكومة في معالجة هذه الأزمة. وكذلك الحال بالنسبة إلى الإشاعات، فهي بحاجة إلى استجابة سريعة مدعومة بالبراهين، لتأكيد عدم صحتها، معتبراً أن الاستجابة السريعة والصحيحة لما تتداوله وسائل الإعلام الجديدة هي إحدى أهم الطرق نحو مجتمعات أكثر رضا واستقراراً وأمناً.
وعن دور إدارات العلاقات العامة والإعلام في الجهات الحكومية خليجياً وعربياً، أوضح أنه في ظل الانتشار الهائل لوسائل الإعلام الاجتماعي، لم تعد الوسائل التقليدية تحتكر التواصل بين الحكومات والشعوب، لافتاً إلى أن الوسائل الجديدة أزالت "الستار الوهمي" الذي كان موجوداً بين الجمهور وإدارات العلاقات العامة، واختصر المسافات، وأصبح بإمكان الجمهور كتابة تعليق أو إبداء رأيه أو تقديم شكوى من خلال الصفحات الرسمية لوسائل الاتصال الاجتماعي التابعة لمؤسسةٍ ما، وهو ما يتطلب استجابة سريعة ورسمية من إدارات العلاقات العامة.
وقال، "لقد كبر دور إدارات العلاقات العامة حتى باتت الجهة المسؤولة عن تطوير عملية الاتصال الحكومي بين الجهات الحكومية، ومع وسائل الإعلام، وكذلك مع الجمهور. ونظراً إلى تلك الأهمية تمّت التوصية في الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي بضرورة تغيير مسمى إدارات العلاقات العامة إلى إدارات الاتصال الحكومي، توضيحاً لهذا الدور الجديد".
وكشف أن المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2015 الذي سيعقد في شباط (فبراير) المقبل، سيتطرّق إلى التحديات التي تواجه عمل الاتصال الحكومي والإجراءات الفورية المطلوبة لضمان أفضل النتائج على صعيد العلاقة بين الحكومة والجمهور من خلال آليات الاتصال الحكومي الفعال والشفاف. و"من المتحدثين هذا العام رئيسة ليبيريا إيلين جونسون سيرليف، والمستشار السابق للأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي، ورئيسة وزراء أستراليا السابقة جوليا جيلارد، والرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، والمدير التنفيذي للاتصال الحكومي في مكتب رئيس الوزراء البريطاني أليكس آيكن، إلى جانب أكثر من 30 متحدثاً وخبيراً في الاتصال الحكومي من حول العالم".
وأوضح أن المنتدى يسعى إلى بلورة منصة موثوق بها للتحاور ومناقشة أفضل الممارسات في الاتصال الحكومي، للارتقاء بالأداء الحكومي وأساليب الاتصال بين الحكومات والجمهور، وأن من بين المواضيع التي سيناقشها المنتدى هذا العام، التحديات التي تواجه أداء الاتصال الحكومي كبيئة حاضنة للحوار والتفاعل مع الجمهور، والخطوات الواجب اتخاذها، لإعداد إدارات الاتصال الحكومي للدور الواجب القيام به، والدور المستقبلي الذي ستؤديه إدارات الاتصال الحكومي في ظل المتغيرات المتسارعة، إضافة إلى واقع العلاقة الحالية بين الحكومات والجمهور والتغيرات في حاجات الجمهور وأساليب الاتصال والتواصل.
وأضاف، "يحرص المنتدى من خلال جلساته ومقابلاته ودراسات الحالة، على استضافة مجموعة من الخبراء وأصحاب التجربة في مضمار الاتصال الحكومي، لمناقشة الإجراءات المطلوبة على الصعيدين الدولي والمحلي، لتفعيل دور الاتصال الحكومي بصورة أكبر، مع تسليط الضوء على التحديات التي تواجه هذا النوع من الاتصال واستعراض نماذج ناجحة للاتصال الحكومي حول العالم، لتكون نموذجاً رائداً للتعلم، تستفيد منه حكومات المنطقة".