العلاقة بين بغداد واربيل.. تغطية اعلامية جهوية بلا معلومات
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > العلاقة بين بغداد واربيل.. تغطية...
اخذت وسائل الاعلام في العراق دورا كبيرا في تشكيل الرأي العام السياسي في البلاد، وكنتيجة باتت المواقف السياسية انعكاسا لمواقف وسائل اعلام مدعومة في الغالب من القوى والاحزاب والشخصيات السياسية، وبهذا ابتعد الاعلام عن التفاصيل المهنية، وركز على تلاقف الازمات لتبني مواقف سياسية لا التغطية الحرفية، ومن هذه الازمات العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان.
وعلى طول السنوات العشر الاخيرة كانت الخلافات المتعلقة بالنفط وتوزيع الواردات والمناطق المتنازع عليها وموازنة الاقليم السنوية مواد دسمة للاعلام العراقي، ولا ينكر مراقبون ان التغطيات الاعلامية ساهمت في تكريس الخلافات من جهة واثارة الكراهية بين العرب والاكراد من جهة ثانية.
واجرى "بيت الاعلام العراقي" استطلاعا مع صحافيين واعلاميين للوقوف على مكامن الاعلام والتغطية الصحافية في العلاقة بين بغداد واربيل، واجمع الاستطلاع على ان المشكلة تكمن في وسائل اعلام تتخذ من مرجعياتها السياسية والقوية موقفا في الازمة مع غياب الحد الادنى من عناصر المهنية.
المعلومات والارقام هي الحل
ويقول الكاتب والاعلامي زيد الحلي ان "الاعلام نشاط انساني يقوم على فكرة الاقتاع عن طريق المعلومات والحقائق والاحصاءات والارقام لا عن طريق تبني المواقف السياسية"، داعيا الاعلام العربي والكردي الى التوازن في الخطاب الاعلامي، لان الخطابات الاخرى محكومة بالفشل".
ويضيف ان "الإعلام لكونها ثورة رابعة ومرتبطة بالتطورات العلمية والتكنولوجية في توسيع الآفاق وبناء العواطف وشد الجمهور، فأن أي تدفق إعلامي صادق سيجعل من الناس قادرين على فعل الكثير، ويمكن أن تلعب هذه الوسائل دورا توعويا وتربويا مهما في خلق وعي بالأزمات من خلال الإخبار والشرح والتفسير، بعيدا عن الميل إلى تغطيتها بطريقة درامية إثارية يغلب عليها التسطيح وتغييب وعي الأفراد".
اعلام مسلوب الارادة
من جهته يقول الكاتب والصحافي حمزة مصطفى ان "العلاقة بين بغداد وأربيل ملتبسة إلى حد كبير لأسباب تداخلت فيها عوامل كثيرة، وفي كل المراحل والسياقات التي حكمتها، كان الإعلام لدى الطرفين انعكاسا للوئام السياسي في حال كان هناك وئام، أو للخلاف السياسي في حال حصل خلاف".
ويضيف ان "الإعلام سواء في بغداد أم أربيل كان وما يزال يمثل الأحزاب والقوى والمكونات، بالتالي لا نستطيع الحديث عن إعلام مهني مستقل يمكنه لعب دور ناقل الحقيقة مثلما هي، لكن يمكن الحديث، وإن كان بشكل نسبي، عن إعلام ينقل الرأي والرأي الآخر كي يثبت موضوعيته".
ويرى مصطفى ان الاعلام الاكثر تاثيرا في مجرى الأحداث هو الذي تهيمن عليه السلطتان الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، وبشكل عام فإن الإعلام لم يكن على صعيد العلاقة بين بغداد وأربيل سوى صدى لمرجعياته السياسية ولم ينطبق عليه حتى القول المأثور (ناقل الكفر ليس بكافر)، فهو إعلام مسلوب الإرادة ورهن لما يتقرر في عاصمتي المركز بغداد أو الإقليم أربيل".
غياب في الرؤية
ويقول الباحث والكاتب الكردي فريد اسسرد إن "من الصعوبة الوقوف على رأي موحد لوسائل الإعلام بشأن العلاقة بين المركز والإقليم، لكثرتها وتعدد منطلقاتها الفكرية، لكن بنحو عام فإن الإعلام العراقي (العربي)، هو انعكاس لرأي الجهات السياسية التي يعبر عنها، فإذا كانت تلك الجهات أو الأحزاب على علاقة حسنة مع نظيرتها الكردستانية، فإن تناول وسائل الإعلام التابعة لها سيكون أكثر ايجابية من تلك التي لمرجعياتها خلافات واضحة مع الفعاليات السياسية الكردستانية".
ويضيف إن الإعلام العراقي يفتقر لرؤيا واضحة بشأن العلاقة بين المركز والإقليم، وجوهر المشاكل بينهما مما تسبب في خلط الأمور لدى الجمهور.
ويؤكد اسسرد ان الإعلام الكردستاني يعاني ايضا من المشكلة ذاتها، ومثلا ان وسائل الاعلام ترى ان من حق الإقليم تصدير نفطه وإقامة دولته، بحسب التوجه الذي يعبر عن رأي التيار القومي الكردي الكلاسيكي، لكن هنالك تياراً آخر، هو القومي المعتدل والموضوعي، الذي يعتقد بإمكانية وجود نوع من التنسيق بين الإقليم والمركز بما يعود بالفائدة للطرفين.
ومثلما حدث نوعاً من القطيعة بين المركز والإقليم، خلال السنوات الأخيرة، فقد كانت هنالك قطيعة إعلامية بينهما، ففي السنوات الثلاث السابقة كان هنالك عدداً أقل من المراسلين العراقيين في إقليم كردستان بالمقابل نادراً ما نرى مراسلين اكراد في بغداد وباقي المحافظات، لتغطية الأحداث فيها للصحف والقنوات الفضائية أو الإذاعات الكردية، وفقا لاسسرد
ويقر بإن "بعض وسائل الإعلام العربية المحلية والكردستانية، تحاول تعميق الهوة بين المركز والإقليم من خلال صب الزيت على نيرانها".
ويرى اسسرد ان "التجربة الوحيدة في هذا المجال تمثلت بفضائية الحرية في بغداد، ولا نعتبر أنها حققت أهدافها، ولم تكن بالمستوى المأمول منها، لذلك تركنا الموضوع وحاولنا استبداله بإقامة محطة فضائية في كركوك باللغات الكردية والعربية والتركمانية، لكن ذلك لا يعوض وجود فضائية كردية موجهة للعراق والعالم العربي، لاسيما في ظل وجود تيار قوي داخل الاتحاد الوطني يؤيد إعادة مد الجسور مع بغداد".
ويذهب اسسرد ايضا الى تاييد نظرية ان الاعلام العربي والكردي يشكل انعكاساً لرأي الجهات السياسية التي يعبر عنها، "فإذا كانت تلك الجهات أو الأحزاب على علاقة حسنة مع نظيرتها الكردستانية، فإن تناول وسائل الإعلام التابعة لها سيكون أكثر ايجابية من تلك التي لمرجعياتها خلافات واضحة مع الفعاليات السياسية الكردستانية"، مبيناً أن "الإعلام العراقي يفتقر لرؤيا واضحة لجوهر المشاكل بين المركز والإقليم".
اعلام مستقل بلا تاثير
آسوس هردي مدير مؤسسة ئاوينة للصحافة والنشر يرى بان الإعلام المستقل في الإقليم، يشكل أقلية وغالبية ناطق باللغة الكردية لذلك حتى إن كان خطابه السياسي مختلفاً وأكثر انفتاحاً تجاه العلاقة مع المركز، إلا أنه عائق اللغة يشكل حاجزا كبيرا".
ويضيف ان اطلاق مؤسسة NRT اخيرا فضائية ناطقة باللغة العربية تشكل اهمية وانطلاقة جيدة في هذا المجال.
ويلفت هردي الى ان "الإعلام المستقل في إقليم كردستان يتبنى خطاباً منفتحاً يدعو لقبول الآخر ويهدف لإقامة نظام ديمقراطي حقيقي في كردستان والعراق بعيداً عن الحساسيات الحزبية والسياسية الموجودة لدى القيادات الحزبية الحالية.
اما بشان التغطيات الاعلامية للخلافات بين بغداد واربيل يقول ان "الإعلام المستقل يحاول أن يبتعد عن الدعاية الحزبية والنظر إلى القضايا بموضوعية بعيداً عن تحميل الطرف الآخر مسؤولية المشاكل كلها".