إهدار إعلام الدولة
الصفحة الرئيسية > أفكار > إهدار إعلام الدولة
بعض العاملين في المكاتب الإعلامية في مؤسسات الدولة المختلفة ينحدرون من بيئة صحافية، وبعضهم، ألقت به الإعتبارات السياسية والصداقات والواسطات، وربما العقوبات، الى تلك المكاتب، لكن وجود الصحافي في مكتب إعلام المؤسسة لم يغير كثيراً من آلية عملها الذي مازال يفهم على نطاق واسع بانه تمجيد للمسؤول وتسبيح بمنجزاته وصفاته.
ثمة أدوار عديدة من المفترض أن يؤديها المكتب الاعلامي، في مقدمتها بالمطلق تقديم المعلومة المناسبة إلى الجمهور المعني بنشاط المؤسسة، وإلى وسائل الإعلام، على أن يتم ذلك عبر المنافذ المباشرة، أو من خلال النشرات والبيانات والتقارير الاعلامية، وايضاً من خلال الإصدارات والمواقع الإلكترونية والمؤتمرات وغيرها.
في 19) كانون الثاني (يناير الماضي قدم "بيت الاعلام العراقي" تقرير رصد للمواقع الإلكترونية لمؤسسات الدولة العراقية، "الإعلام الرسمي: المسؤول في الصدارة.. الخدمة في الهامش"، شمل 61 موقعاً إلكترونياً معنياً بشكل مباشر بوظيفة إيصال المعلومة الى المجتمع.
وكانت حصيلة الرصد ما أوضحه العنوان، فمعظم تلك المنابر الاعلامية تحايلت على مهامها وحولت دورها من خدمة الجمهور، الى تلميع الوزير - المدير وتقديسه احياناً، وعرض مناقبه ونشاطاته.
الغريب، ان يتم اهمال المؤسسة بالكامل لصالح المسؤول، فالقرار والإجراء والخدمة التي هي نتاج جهد مؤسسة من آلاف الموظفين، تجيّر لصالح شخص واحد، ولاغراض دعائية وانتخابية وحزبية في الغالب.
على مكاتب الاعلام الرسمية ان تكون ناطقة بأسم المؤسسة التي تنتمي اليها، وان لا تسمح لنفسها بالانحدار لتصبح جوق إنشاد لصالح مديرها، وعلى مجلس الوزراء العراقي الجديد، الذي يفترض انه نتاج مزاج التغيير، أن يناقش هذه القضية بجدية، وأن يصدر تعليمات واضحة، تضمن استرداد مكاتب الإعلام في المؤسسات ومنابرها الاعلامية من المسؤول، وإعادتها إلى المؤسسة.
خلال الأيام الماضية، اثارت قضية الاعتداء الذي تعرض له صحافيون عراقيون على يد رجال الامن في مستشارية الامن الوطني، الجدل من جديد حول دور مكاتب الإعلام في مؤسسات الدولة.
ونزعم كصحافيين أن من الادوار التي يجب ان تتصدى لها هذه المكاتب هي رعاية وخدمة الاعلاميين الذين تتم دعوتهم لتغطية نشاطات مؤسسات الدولة، وضمان سلامة انتقالهم من مكان عملهم الى المؤسسة وبالعكس، والحرص الى منع اي احتكاك مع رجال الامن وعناصر الحماية في تلك المؤسسات.
لهذا تحديداً نجد ان من غير المنصف ان يتم التركيز على معاقبة رجال الامن الذين وقعوا بدورهم ضحية الثقافة العدائية ضد الإعلام والإعلاميين في العراق والتي تنغرس عميقاً في مؤسسات الدولة، وضحية عدم اداء مكاتب الاعلام واجبها في تأمين سلامة الصحافي، كما تقوم بتلميع المسؤولين والتفنن في استعراض صورهم ونشاطاتهم.
على المسؤول العراقي ان يدرك ان الزمن لم يعد يسير باتجاه التنفيس عن امراض طفولته بانتاج كاريزما الكرسي وفخامة الاستعراض والاغاني التي تمجد ذاته. عليه ان يعرف انه موظف مكلف بمهمة محددة، وان باقي موظفي وزارته او دائرته، ومنهم المعنيون بالإعلام، لديهم مهام ايضاً تخص رفع اداء المؤسسة، وهم بالتأكيد ليسوا صبيانه ولا اتباعه ولا ذيوله.