اختطاف صحافية عراقية يكرس خطاب الكراهية ضد مهنة الإعلام

الصفحة الرئيسية > تقارير الرصد الإعلامي > اختطاف صحافية عراقية يكرس خطاب...

اختطاف صحافية عراقية يكرس خطاب الكراهية ضد مهنة الإعلام

 

بيت الإعلام العراقي

يرصد "بيت الإعلام العراقي" في تقريره السادس والعشرون، اختطاف الصحافية العراقية والناشطة المدنية، أفراح شوقي، من قبل مسلحين مجهولين، وما رافقها من ردود فعل محلية ودولية، فضلاً عن خطاب الكراهية والتحريض الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي ضد الصحافية قبل الاختطاف وخلاله وبعد الإفراج عنها، في مؤشر جديد على تنامي منابر خطاب الكراهية في الإعلام المحلي، سعى "بيت الإعلام" لرصدها وتقويمها وإصدار توصيات بشأنها.

ففي 26 كانون الأول/ ديسمبر 2016، أعلنت السلطات العراقية عن اختطاف الصحافية أفراح شوقي، عضوة "النقابة الوطنية للصحفيين"، من منزلها في منطقة السيدية، جنوبي بغداد، وسرقة سياراتها وحاسوبها وهاتفها الشخصي، حيث دان رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، ورئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، الحادثة، وفتحت السلطات الأمنية تحقيقا فيها، وبعد تسعة أيام، أي في الثالث من كانون الثاني/ يناير 2017، اًطلق سراح شوقي من قبل خاطفيها.

وقالت شوقي خلال مؤتمر صحافي، بعد يوم على الإفراج عنها، إن القوة التي اختطفتها "تكونت من 15 مسلحاً ملثماً ادعّوا أنهم ينتمون إلى أجهزة الاستخبارات العراقية، وتم نقلي بينما كنت معصوبة العينين"، مبينة أن الخاطفين "أجروا معي تحقيقات مسجلة بالصوت والصورة تتعلق معظمها بمواقع التواصل الاجتماعي".

وأضافت الصحافية والناشطة المدنية، أن الموضوع الأساس في التحقيق كان "الخبر المفبرك المنشور في صحيفة الشرق الأوسط، بشأن الزيارة الأربعينية".

يذكر أن "بيت الإعلام العراقي" سبق أن أعد تقريراً مفصلاً عن ذلك الموضوع بالرقم الرابع والعشرين، تحت عنوان "تقرير صحفي مفبرك يعمق خطاب الكراهية المتبادل في العراق".

وذكرت شوقي، أن معاملة الخاطفين "تغيرت بعد أربعة أيام من اختطافي، حيث أبلغني الخاطفون أن الرأي العام الرسمي والشعبي يطالب بإطلاق سراحي، وهو ما تم بالفعل بعدها بخمسة أيام، كما تمت إعادة ممتلكاتي التي أخذوها عند اختطافي".

ودانت الرئاسات الثلاثة في البلاد، الجمهورية، الحكومة والبرلمان، الاختطاف، إضافة إلى هيئات محلية رسمية بينها "الحشد الشعبي" و"حركة النجباء"، وعدد من الدول والمنظمات الدولية المعنية بحرية الرأي وحقوق الانسان.

ورصد "بيت الإعلام العراقي" خطاب الرأي العام الرسمي والشعبي بشأن الجريمة، وخلص إلى جملة نتائج مثيرة للقلق، تشكل "تصعيداً خطيراً" في خطاب الكراهية، تداولته مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الكترونية انغمس فيها مسؤوليين رسميين وصحافيين وإعلاميين تباينت مواقفهم بتبرير الاختطاف، ولاحقا الإدعاء بأن الاختطاف "كذبة"، من دون إعطاء أدلة ووثائق على ذلك، في حين أن رئيس مجلس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قال في مؤتمر صحافي قبل يوم من الإفراج عن شوقي، إن نتائج التحقيقات تصل إليه يومياً، ملمحاً إلى وجود "أغراض سياسية وراء الاختطاف".

ويسجل هذا الرصد بالتوثيق كيف أسهم خطاب الكراهية ضد شوقي قبل شهور من اختطافها، في حشد الأصوات ضدها عبر إدعاءات "غير موثقة"، ربما كانت عاملاً مضافاً في تشجيع مسلحين على اختطافها، وهو ما أشارت له الصحافية بعد الإفراج عنها، بقولها إنها تعرضت للتحقيق بشأن خبر مفبرك منشور في صحيفة "الشرق الأوسط" بعد تركها العمل في الصحيفة بأشهر.

يذكر أن تظاهرة لمطالبة السلطات بالكشف عن مصير شوقي، نظمها صحافيون وناشطون مدنيون، أمام بوابة المنطقة الخضراء، وسط بغداد، في الثاني من كانون الثاني/ يناير 2017، تعرضت إلى الاعتداء من قبل قوات الأمن، عبر ضرب عدد من المتظاهرين وإطلاق الرصاص الذي أصاب أحد المتظاهرين، كما اعتقل آخرين لساعات، وتبعتها حملة تحريض جديدة ضد صحافيين وناشطين مدنيين.

وسجل راصدو "بيت الإعلام العراقي" تطوراً خطيراً في مستوى خطاب الكراهية بعدما أصبحت حملات التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، "خطراً حقيقياً" على الأفراد والمؤسسات، خصوصا في القطاع الإعلامي، عبر تحشيد الرأي العام ضدهم باستخدام صور وأخبار مفبركة يصدقها مستخدمو مواقع التواصل عبر إعادة نشرها على صفحاتهم الشخصية لتخلق بيئة مؤاتية تستفيد منها الجهات المسلحة لتنفيذ عمليات قتل واختطاف بدوافع سياسية أو جنائية.

ولاحظ الرصد، أن جيوشاً الكترونية، بعضها شكّل لأغراض نبيلة، مثل دعم قوات الأمن العراقية في الحرب ضد تنظيم (داعش)، أو التعاطف مع قضايا إنسانية، مثل أزمة النازحين، انخرطت في حملة خطاب الكراهية ضد الصحافية أفراح شوقي، وتبنّت مواقف متطرفة من اختطافها تفضي إلى تهيئة بيئة عدائية ضد أفراد، وتشجع على الاعتداء عليهم، إذ يقدم تقرير الرصد أمثلة عديدة على ذلك.

وفي ظاهرة بعيدة عن المهنية، سجل راصدو "بيت الإعلام" استخدام وسائل إعلام مرئية ومطبوعة معروفة، منشورات مواقع التواصل الاجتماعي، مصدرا لتقارير وأخبار أعدت لتغطية اختطاف شوقي، برغم خلّوها من أدلة ووثائق وفاقدة لأبسط متطلبات المهنية، ما أوقع وسائل الإعلام تلك، بقصد أو بدونه، في فخ خطير يهدد العمل الصحافي المهني.

ويذكّر "بيت الاعلام العراقي" في هذا الصدد أنه رصد في تقريره الثاني، الصادر في كانون الثاني/ يناير 2015، بعنوان "صحافيون في مرمى إعلام التحريض"، كيف يتعرض العاملون في الصحافة إلى حملات تحريضية، منهم الصحافية أفراح شوقي، وكيف يتم استغلال أحداث معينة للطعن في مؤسسات إعلامية تسهم في تأليب الرأي العام يكون ميدانها مواقع التواصل الاجتماعي.

ويرصد "بيت الإعلام العراقي" في تقريره الجديد، مستوى وآليات خطاب الكراهية في اختطاف شوقي، التي ارتكزت على إعادة نشر أخبار سابقة تعود إلى سنوات كتبتها شوقي، وإعادة نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي على أنها جديدة، والادعاء بأنها السبب وراء اختطافها في مواقف وتعليقات عنفية حملت ميلاً لتبرير الاختطاف.

ويتناول تقرير الرصد ثلاث مراحل، قبل جريمة اختطاف شوقي، وخلالها، وما بعد الإفراج عنها، مستنداً على التوثيق الدقيق عبر الصور والروابط الالكترونية في مراحل الرصد كافة.

توصيات:

1-   مع تسجيل مستويات خطيرة من التحريض على القتل والاختطاف رافقت جريمة اختطاف الصحافية أفراح شوقي، عبر أفراد وتحت عناوين صريحة وشملت شخصيات عامة، ينبغي على الإدعاء العام العراقي التحرك سريعاً، ضمن الواجبات المناطة به، والواردة في قانون الإدعاء العام، الذي أقره البرلمان في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، إذ تنص المادة الخامسة منه، على أن من مهام الإدعاء العام: أولا "إقامة الدعوى بالحق العام وقضايا الفساد المالي والإداري ومتابعتها"، ثانياً "مراقبة التحريات عن الجرائم وجمع الأدلة التي تلزم للتحقيق فيها واتخاذ كل ما من شأنه التوصل إلى كشف معالم الجريمة"، خصوصا أن منابر التحريض العنفي تتوارد بشكل علني، لا تحتاج إلى تحقيقات طويلة للوصول إليها.

2-   على وسائل الإعلام إيلاء الجانب المهني أولوية قصوى في تغطية الأزمات الكبيرة، خصوصا تلك المتعلقة بمصير أفراد وجماعات ومؤسسات، عبر اعتماد معلومات حقيقية مستندة على وثائق وتصريحات واردة من أصحاب العلاقة، وعدم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مصدراً أساساً للتغطيات الإعلامية، علماً أن محاولة وسائل إعلام إخلاء مسؤوليتها عما تنشره بالإشارة إلى أن مصدرها مواقع التواصل، لا يخليها من مسؤوليتها المهنية والقانونية في تحمل تبعات أخبار كاذبة وحملات تحريضية تسهم في تفاقم تعميق الشرخ الاجتماعي.

3-   على السلطات الحكومية والأمنية توفير الحماية للصحافيين، خصوصا أولئك الذين يتعرضون إلى تهديدات صريحة بالقتل والاختطاف، والتعامل بجدية مع بلاغات الصحافيين بشأن تعرضهم للتهديد بدلا من تجاهلها، إذ أن الصحافية أفراح شوقي، أعلنت قبل شهور من اختطافها، عن تعرضها إلى حملات تحريض عنفي وتهديدات مباشرة.

4-   إشاعة ثقافة التعامل المهني مع المحتوى الرقمي والالكتروني عبر توفير خبرات للجمهور في كيفية التعاطي مع الأخبار والصور ومقاطع الفيديو المتداولة، وتبيان مخاطر المنشورات الكاذبة على الأمن والسلم الاجتماعي، وتشجيع ظاهرة صحافة المواطن لتمكين أكبر قدر من الجمهور من الوصول بجهد شخصي، إلى المعلومات الدقيقة بشأن أحداث لافتة بدلاً من لجوءه إلى مواقع التواصل ووسائل إعلام غير مهنية للوصول إلى المعلومة، ويتم ذلك عبر تشجيع استراتيجية استخدام الإعلام الاجتماعي والتدوين.

 

تقرير الرصد:

أولاً: قبل الاختطاف:

رصد "بيت الإعلام العراقي" منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقارير إخبارية صادرة عن وسائل إعلام محلية تحريضية ضد شوقي، تضمنت السب والشتم وتوجيه التهم والتخوين والعمالة لأشخاص وجهات خارجية، كما أن منشورات أخرى دعت علانية إلى قتلها ضمن حملة تعرض لها صحافيو مكتب صحيفة "الشرق الأوسط" في بغداد، استخدمت عبارات مثل "دمكم مهدور"، "إن قتلها فضيلة"، ولاحظ "بيت الإعلام العراقي" أن منابر إعلامية استغلت الحادثة للطعن في مؤسسات تعمل فيها الصحافية شوقي، مثل "النقابة الوطنية للصحفيين".

 لمشاهدة الرصد اضغط هنا

 

ثانيا: خلال الاختطاف:

راقب راصدو "بيت الإعلام العراقي" مستويات ردود الأفعال على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعية، شملت شخصيات عامة، سياسية واجتماعية، ومدونون وصحافيون وإعلاميون، وسجل الرصد التشكيك في الاختطاف في الأيام الثلاثة التي اعقبته، عبر الترويج لقصة سعيها الحصول على لجوء خارج البلاد، ومنشورات أخرى تضمنت الطعن في شرف الصحافية عبر شتائم مبتذلة ودعوات لمحاكمتها.

وتضمنت منشورات أخرى، تأييداً صريحاً للاختطاف وتبريره، عبر اتهام شوقي بكتابة تقرير مفبرك سبق أن نفت الصحافية كتابته، وأكدت أنها تركت العمل في الصحيفة التي نشر فيها المقال قبل أشهر من نشره، كما حاول مدونون وشخصيات عامة الاعتراض على حملة الدفاع عن شوقي، والطعن في عملها الصحافي، والمقارنة مع صحافيات عربيات زرن العراق أخيراً وامتدحن جهات معينة.

ورصد "بيت الإعلام" هاشتاغات انتشرت بنحو واسع، على مواقع التواصل الاجتماعي، تتضمن تحريضاً خطيراً للكراهية، بينها "الإرهابية أفراح شوقي"، "سافلة الصحافة العراقية"، "قلم داعشي بامتياز" و"دواعش الإعلام والتزييف".

ويشير هذا الخطاب إلى ظاهرة خطيرة تجاوزت الاختطاف ذاته، إلى استغلاله للطعن في مؤسسات إعلامية وصحافيين وإعلاميين عراقيين، في محاولة لإثارة القلق بين العاملين في الإعلام، في تحد جديد يضاف إلى التحديات الكبيرة والخطيرة، التي تواجه الصحافة في العراق.

كما سجل راصدو "بيت الإعلام" استغلال اختطاف شوقي، لإطلاق حملة تحريض جديدة ضد الحراك الشعبي والقائمين على التظاهرات السلمية الاسبوعية، التي تنظم منذ عام ونصف، للمطالبة بالإصلاحات السياسية في العراق، وحملة تحريض وتسقيط سياسي أخرى طاولت شخصيات دينية وسياسية دانت الاختطاف.

ويذّكر "بيت الاعلام العراقي" مجدداً، أنه سبق أن رصد حالات سابقة في استغلال أحداث اجتماعية وأمنية، لإطلاق حملات تسقيط ضد شخصيات سياسية ودينية واجتماعية، والطعن في مناسبات اجتماعية كالتظاهرات والمهرجانات، وتوجيه تهم إلى الجهات الحكومية وغير الحكومية.

لمشاهدة الرصد اضغط هنا-

 

ثالثا: بعد الإفراج عن شوقي

في الثالث من كانون الثاني/ يناير 2016، أطلق الخاطفون سراح الصحافية أفراح شوقي، ورصد "بيت الإعلام العراقي" ردود أفعال منابر إعلامية لم تخل من خطاب كراهية، تضمنت استياءً من إطلاق سراحها ودعوات تحريضية جديدة ضدها.

وادّعت شخصيات سياسية وإعلامية واجتماعية عامة، أن الاختطاف كان " مفبركاً"، وروجت عبر منابرها الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، روايات عن اختبائها بنحو متعمد بهدف الحصول على لجوء خارج البلاد، من دون تقديم أي أدلة على ذلك، وشمل التحريض أيضاً، عدداً من زملاء شوقي من الصحافيين والناشطين المدنيين، إذ تم اتهامهم بالتعاون مع شوقي بتلفيق الاختطاف، كما أن برنامجاً تلفزيونياً خصص جزءاً من وقته للطعن في الاختطاف والتحريض ضد شوقي.

لمشاهدة الرصد -اضغط هنا-

  • بيت الاعلام العراقي

    رصد تسلل مصطلحات "داعش" إلى أروقة الصحافة

    أصدر "بيت الإعلام العراقي" سلسلة تقارير رصد فيها المصطلحات المستخدمة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ"داعش" في حملاته الدعائية والتي تسللت بصورة واسعة إلى التغطية الصحفية لوسائل الإعلام المختلفة.

  • الرصد السنوي لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق

    يؤشر الرصد السنوي لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق/ PFAA نكوصا مماثلا لما سجلته العام الماضي، في أعداد الانتهاكات التي تطال الصحفيين/ات والعاملين/ات في مجال الصحافة والاعلام، من خلال الرصد اليومي والآني لمجمل الانتهاكات.

  • ماڵی ڕاگەیاندنی عێراقی

    ڕووماڵی دزەکردنی چەمك ودەستەواژەکانی "داعش" بۆ ناو ڕاڕەوەکانی ڕۆژنامەگەری

    "ماڵی ڕاگەیاندنی عێراقی" زنجیرە ڕاپۆرتێكی بڵاوکردۆتەوە كە تیایدا ڕووماڵی ئەو چەمك ودەستەواژە بەكارهاتووانە دەكات لە هەڵمەتەكانی ڕاگەیاندندا لەلایەن ڕێكخراوی دەوڵەتی ئیسلامی ناسراو بە "داعش" كە ئەم چەمك ودەستەواژانە بە شێوەیەكی بەر فراوان دزەی كردووە بۆ ناو ڕووماڵە ڕۆژنامەگەرییەكانی دەزگا جۆراوجۆر وجیاوازەكانی ڕاگەیاندن.

  • The killing of journalist Shireen Abu Akleh must be condemned

    The Palestinian journalist was shot and killed on Wednesday 11 May while she was on duty covering the occupation’s illegal actions in the Palestinian city Jenin. IMS condemns what looks like a extrajudicial execution and calls on all human rights organisations and democratically minded States to do the same.

كيف تقرأ الصحف اليومية العراقية؟

  • النسخة الورقية
  • النسخة الألكترونية