تعكز الإعلام العراقي على المال السياسي أفقده المهنية والمعلنين
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > تعكز الإعلام العراقي على المال...
واكبت وسائل الإعلام العراقية التقنيات الرقمية واستفادت منها شكلاً من دون أن يكون لذلك تأثراً على مضمونها ومهنيتها، لاسيما في ظل هيمنة المال السياسي على غالبيتها، نتيجة عوامل عدة في مقدمتها تداعيات الأزمة المالية التي يشهدها العراق نتيجة تراجع أسعار النفط العالمية والحرب ضد الإرهاب، وما أحدثه ذلك من "جدب إعلاني" أطاح بالعديد منها أو اضطرها لتقليص ملاكاتها.
بالمقابل تزدهر مواقع التواصل الاجتماعي ويزداد تأثيرها ما جعلها تستقطب المزيد من الجمهور وبالتالي اهتمام المعلنين لتأثيرها المباشر وقلة تكاليفها مقارنة بوسائل الإعلام والإعلان التقليدية التي لم تتمكن بعد من إيجاد آليات تسويقية مناسبة تتكيف مع الواقع الجديد.
ويقول الصحافي علي عجام، وهو مدير تنفيذي سابق لمحطة تلفزيونية، إن هيمنة المال السياسي أفرزت "غياب الضوابط الإعلامية والفكرية"، ويعرب عن خيبة أمله من شبكة الإعلام العراقي التي تحولت إلى "جهة حكومية غالباً ما تخضع لأحزاب بعينها، ما اضطر العديد من القوى السياسية بالمقابل إلى تأسيس وسائل إعلام خاصة بها تعبر عن رؤاها بعيداً عن الحيادية والمعايير المهنية".
ويرى عجام، أن ضعف القطاع التجاري "أفسح المجال لهيمنة رأس المال السياسي على الإعلام"، ويبين أن الأزمة المالية التي يشهدها العراق "أطاحت بالكثير من المؤسسات الإعلامية نتيجة اعتماد تمويلها على جهات سياسية، وسط التراجع الكبير لسوق الدعاية والإعلان الذي يشكل أحد أعمدة ديمومة عملها".
ويعزو صاحب شركة التسويق الدعائي، أحمد المبرقع، الركود الإعلاني، إلى "ضعف المنظومة التسويقية في البلاد"، ويضيف أن معظم الشركات "لا تحقق الأرباح المطلوبة بسبب عدم وجود قسمٍ للتسويق أو ضعفه وعدم فاعليته في تحديد شريحة المستهلكين المناسبة، بسبب حداثة السوق العراقي".
ويرد المبرقع، ضعف الإقبال الدعائي على وسائل الإعلام ومنها الفضائيات، إلى "اضطراب الأوضاع السياسية والأمنية الأمر الذي يجعل الشركات التجارية تتردد في اتخاذ أي خطوة فيها إنفاق مادي إن كان إعلانياً أو استثمارياً ما سبب شلل الساحة الاقتصادية لاسيما الإعلانية".
تراجع الميديا الدعائية، بات يشكل ظاهرة اعتادت عليها المؤسسة الصحافية، بحسب الكاتب والصحافي شمس أصيل.
ويقول الأصيل، إن التراجع بات "حالة طبيعية نتيجة الفوضى الطاغية على الأصعدة كافة، مما أثر على الخطط السنوية لشركات التسويق الإعلاني وانعكس بالنتيجة على إيرادتها وبالتالي على الصحف والفضائيات وسواها من وسائل الإعلام".
ويحمل الكاتب والصحافي، شركات الإعلانات والفضائيات مناصفة "مسؤولية غياب وسائل الإنتاج المادي"، مثلما يتهم الفضائيات بأنها "متقلبة السياسيات وتفتقر لاتجاه واضح وراسخ"، وشركات الإعلانات بـ"التقليدية والافتقار للإبداع ومواكبة التطورات العالمية".
ويؤيد المصمم الفني، ماجد الماجدي، رأي الكاتب والصحافي شمس أصيل، قائلاً إن ظاهرة ضمور الإعلانات التلفزيونية "ناجمة عن عدم وضوح رسالة الإعلان وافتقاره للجودة والتشويق فضلاً عن سوء توقيت بثه فضلاً عن عدم اختيار القناة المناسبة لذلك".
ويؤكد الماجدي، أن الجانب الاقتصادي يمثل "عاملاً مهماً، لأن الرواج الاقتصادي، ينعش حركة السوق وينعكس ايجابياً على صناعة الإعلان".
ولا شك أن لوسائل الإعلام المرئية أهميتها في تشكيل الصورة الذهنية للجمهور، إذ يتميز التلفزيون عن غيره من وسائل الإعلام، بأنه أقرب وسيلة اتصالية، كونه يجمع بين الرؤية والصوت والحركة واللون، ويلاحق الأحداث أولاً بأول وقت حدوثها، ويوفر الإحساس الجماعي لمشاهديه، لكن الظهور الطاغي لمواقع التواصل الاجتماعي والتقنيات المعلوماتية، أثر كثيراً على جاذبية التلفزيون وباقي وسائل الإعلام، وأوجدت واقعاً جديداً بدأ يفرض نفسه حتى على العمل الصحافي والإعلامي.
وفي هذا الصدد يقول صاحب شركة التسويق الدعائي، أحمد المبرقع، إن أغلب المؤسسات والشركات التجارية التي ترغب بالإعلان بدأت "تغادر الوسائل التقليدية، لاعتقادها بعدم جدواها قياساً بكلفتها العالية"، ويؤكد أن "صعود موجة التقنيات المعلوماتية ومواقع التواصل الاجتماعي والاعتماد عليها في مجال الترويج الإعلاني خلال السنوات الأخيرة، أثر كثيراً على سوق المطبوعات والإعلانات التجارية بالوسائل الإعلامية الأخرى".
ويتابع المبرقع، أن شركات الدعاية والإعلان "مترددة بإدخال خدمات جديدة بعملها الفني وتعجز عن تطوير خدماتها وأساليبها الدعائية القديمة".
بدوره يتقارب مع هذا الرأي، المصمم الفني ماجد الماجدي، قائلاً إن الإعلانات من "أهم عوامل تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية وديموتها"، ويستطرد لذلك عندما "تشح الإعلانات يتوجب على وسائل الإعلام البحث عن آليات تسويقية جديدة لجذب المتلقين وكسب الزبائن".
ويواصل الماجدي، أن حملات التسويق في وسائل الاعلام الالكترونية "تؤمن تحقيق الأهداف التجارية للمسوقين، لاسيما أنها الرسائل الإعلانية عبر الإعلام الجديد تكون واضحة وأقل تكلفة لأن الإحصائيات فيها متاحة وتمكن المرسل من تعقب رسالته بسهولة، على العكس من الإعلام التقليدي حيث التكلفة أعلى ومعرفة ردود الفعل والتأثير أقل وضوحاً وأصعب متابعة، ويحتاج لدراسات واستبيانات مختصة تخرج بنتائج تقريبية وغير واضحة".