مصطفى ناصر: قانون حرية التعبير لغم سياسي
الصفحة الرئيسية > تجربة > مصطفى ناصر: قانون حرية التعبير...
أكد رئيس جمعية "الدفاع عن حرية الصحافة"، أن الإعلاميين العراقيين ما يزالون يتعرضون للانتهاكات نتيجة عدم وجود قانون يحميهم، وتمسك بعض الجهات السياسية والقضاء بالمنظومة القانونية للنظام الدكتاتوري السابق، وفي حين عد أن مشروع قانون " حرية التعبير والتظاهر السلمي" جاء مليئاً بالألغام، وأن نضج الحراك المدني وفاعليته أسهم في عدم تمريره في البرلمان وتعديل العديد من فقراته، عزا عدم وجود ميثاق "شرف إعلامي" إلى "المزاجية" بتطبيق القوانين وارتباط غالبية وسائل الإعلام المحلية بجهات سياسية.
جاء ذلك خلال حوار أجراه "بيت الإعلام العراقي"، مع الإعلامي والناشط المدني، مصطفى ناصر، رئيس جمعية "الدفاع عن حرية الصحافة"، الذي درس الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام جامعة بغداد، وكتب العديد من المقالات والأعمدة في صحف محلية وعربية متنوعة، وأسهم في تأسيس الجمعية عام 2010 ، وكانت له إسهامات أخرى في تأسيس صحف ووكالات أخبار محلية.
- الدفاع عن حرية الصحافيين وتطوير قدراتهم
أكد الإعلامي والناشط الصحافي، أن جمعية الدفاع عن حرية الصحافة تسعى إلى الدفاع عن حرية الرأي ورصد الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون والإعلاميون، وتطوير العمل الصحافي والإعلامي.
وقال ناصر، إن الصحافة العراقية "عانت على مدى عقود طويلة من الأنظمة الشمولية والدكتاتورية التي صادرت حرية الرأي والتعبير وحددته بالنظام الواحد والحزب الواحد وصولا إلى تمجيد الشخص الواحد، كما قتلت وشردت المئات من الصحافيين"، عاداً أن ذلك "حفز مجموعة من الصحافيين والإعلاميين العراقيين المؤمنين بحرية الإعلام والرأي، بعيداً عن التجريح والتشهير أو إثارة النعرات والأحقاد، على تأسيس الجمعية".
وأضاف الناشط المدني، أن الجمعية أخذت على عاتقها "الدفاع عن حرية الرأي ورصد الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون والإعلاميون والعمل على تطوير العمل الصحافي والإعلامي"، مبيناً أن الجمعية "لم تكتف برصد الانتهاكات بل وتعمل على الدفاع عن الصحافيين الذين يتعرضون للسجن أو الاعتقال أو يتهمون بذريعة التشهير أو الإساءة للأخلاق العامة أو أية تهمة أخرى تحد من حرية الوصول إلى المعلومات من خلال توكيل المحامين واتباع السبل القانونية كافة لتبرئتهم".
- 17 صحافيا تعرضوا لانتهاكات و16 وسيلة إعلام منعت من التغطية خلال عدم 2016
وأكد رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، أن العام 2016 الحالي، شهد تعرض 17 صحافياً للانتهاكات، في حين منعت 16 وسيلة إعلام من تغطية أحداث مختلفة، متوقعاً تواصل الانتهاكات ضد الصحافيين والإعلاميين خلال المدة المقبلة.
وقال ناصر، إن الجمعية "وثقت تعرض 17 صحافياً لانتهاكات مختلفة حتى نهاية تموز 2016، فضلاً عن حدوث 16 حالة منع وسائل الإعلام من تغطية أحداث مختلفة".
وأوضح ناصر، أن الجمعية "سجلت أيضاً مقتل ثمانية صحافيين بسبب أداء واجبهم المهني، لاسيما أثناء مرافقتهم القوات الأمنية في ميادين القتال ضد تنظيم داعش"، لافتاً إلى أن الجمعية "رصدت إغلاق مكاتب مكتبين اثنين لمؤسسات إعلامية من قبل السلطات الحكومية، وتعرض عشرة صحافيين لهجمات مسلحة في مناطق متفرقة من العراق".
وتوقع رئيس الجمعية، أن "تتواصل الانتهاكات ضد الصحافيين والإعلاميين في العراق وتتفاقم المخاطر التي يتعرضون لها".
- جهات سياسية تسعى للإبقاء على المنظومة القانونية الموروثة من النظام الدكتاتوري
واتهم الإعلامي والناشط المدني، بعض الجهات السياسية بالسعي للإبقاء على المنظومة القانونية الموروثة من النظام الدكتاتوري، عاداً أن نشاط الجمعية وجد صداه لاسيما من خلال إعلان منظمة "مراسلون بلا حدود" عن تراجع حرية الصحافة في العراق خلال العامين الماضيين.
وقال ناصر، أن ما أوردته منظمة مراسلون بلا حدود بشأن تراجع حرية الصحافة في العراق "دقيقاً جداً"، معرباً عن سعادته لأن "مناشدات الجمعية وجدت صدى لدى المنظمات الدولية على الأقل".
وتابع رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، أن السلطة التنفيذية والقضاء في العراق ما يزالان "يعانيان من منظومة قانونية موروثة من زمن النظام الدكتاتوري السابق، مقابل إرادة سياسية تسعى لإبقاء تلك المنظومة لكونها تخدم مصالح بعض الكتل السياسية"، مشيراً إلى أن القوانين المتعلقة بالإعلام التي شرعت بعد عام 2003، لاسيما ما يسمى قانون حقوق الصحافيين "لم يمنع الانتهاكات ضد الصحافيين والإعلاميين أن يحول دون منعهم من تغطية الأحداث والفعاليات المختلفة، برغم أن الدستور كفل حرية العمل الصحافي بوضوح في مادته الـ38".
وأكد ناصر، أن الأوامر الأمنية "ما تزال تصدر من القيادات العليا بشأن التعامل مع وسائل الإعلام، الأمر الذي أدى لإستمرار الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافي أو الإعلامي، من منع أو اعتقال أو مصادرة معداته وإرغامه على مسح ما وثقه من صور أو مواد فلميه".
- مشروع قانون حرية الصحافة ملغم
ورأى رئيس الجمعية، أن مشروع قانون حرية التعبير الذي يناقش في مجلس النواب العراقي حالياً، الذي صاغته الحكومة السابقة، برئاسة نوري المالكي، جاء "ملغماً وخطيراً للغاية"، مستدركاً "لكن التعديلات التي أجرتها اللجان البرلمانية المختصة عليه تناولت أجزاء مهمة منه دون أن تحسم أخرى لا تقل أهمية لاسيما المادة السابعة التي تفرض على المتظاهرين أخذ الاذن، والمادة التاسعة التي تحظر التظاهر والتجمعات العامة في دور العبادة ودوائر الدولة والجامعات والمدارس".
وأوضح ناصر، أن الجمعية "اعترضت على مسمى مشروع القانون حرية التعبير والتظاهر السلمي، إذ أن حرية التعبير مكفولة دستوريا بالإطلاق من دون قيود أو قوانين محددة لها"، عاداً أن مسمى القانون ينبغي أن "يختص بحرية الاجتماع والتظاهر السلمي".
ودعا الإعلامي والناشط المدني، البرلمان إلى "حذف أو إلغاء المواد والبنود الخاصة بحرية التعبير عن الرأي الواردة في مسودة مشروع القانون، كالمواد 1 و 3 و4 و5، فضلا عن ضرورة تضمين القانون ما يكفل حق التظاهر والاعتصام".
وتابع ناصر، أن تموز المنصرم، "شهد جلسة حاسمة نظمتها لجنة حقوق الإنسان مع منظمات المجتمع المدني المعنية بحضور نائب عن اللجنة القانونية، وأثنين من لجنة الثقافة والإعلام، ومجموعة من أعضاء لجنة حقوق الإنسان ومستشاريهم القانونيين، وتم الاتفاق على تعديل المادة السابعة والغاء المادة التاسعة، إضافة إلى تعديل التسمية من قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي إلى قانون حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، فضلاً عن حق الاعتصام وتغيير بعض التعريفات والصياغات الخاصة بالتظاهر السلمي"، وتابع أن النص الأصلي للمشروع تضمن عبارة "تجمع سلمي لعدد غير محدود من المواطنين، وهذا النص معيب لأنه يضمن حق المواطن العراقي في التظاهر دون الأشخاص غير العراقيين، لاسيما أن مؤشر العمالة الأجنبية في العراق في تزايد مطرد، وكان لزاما إدراج نص يضمن حقوقهم".
واستطرد رئيس الجمعية، أن هناك "صراعاً بين منظمات المجتمع المدني والإرادة السياسية بشأن المادتين السابعة والتاسعة من القانون، إذ يسعى التحالف الوطني لتمرير القانون وفقا لنصوصه الأصلية، في حين تريد المنظمات المدنية ومجموعة من الكتل السياسية الأخرى، كالتحالف الكردستاني وكتلة الأحرار والمدني الديمقراطي، تعديل المادتين وفقا لرؤيتها".
- نضج الحراك المدني وفاعليته أوقفا تمرير مشروع قانون حرية الصحافة
اعتبر رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، أن الحراك المدني العراقي أصبح ناضجاً وتمكن من إيقاف تمرير مشروع قانون حرية التعبير والتظاهر وجرائم المعلوماتية.
وقال ناصر، إن التنسيق بين المنظمات المعنية بالصحافة "ليس ضعيفاً، لكن هناك تخصصات مختلفة لتلك المنظمات، إذ يركز بعضها على النشاط المدني، والآخر على التعديلات القانونية"، مبيناً أن هناك قاعدة "معروفة لدى الجميع، هي أنه كلما نشطت المنظمات خف الضغط السياسي على الشارع، والعكس صحيح".
وأضاف ناصر، أن الوقفة الأخيرة التي نظمتها المنظمات المدنية والإعلامية بشأن مشروع قانون حرية التعبير والتظاهر وجرائم المعلوماتية كانت "مشرفة، وأسهمت في خلق رأي عام مناهض للمشروع".
وذكر الإعلامي والناشط المدني، أن الجمعية أسهمت مع نظيراتها في "الدعوة إلى وقفة احتجاجية وتظاهرة ما اضطر رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، إلى عدم تمرير مشروع القانون".
واعتبر ناصر، أن هناك "نضجاً حقيقياً في الحراك المدني العراقي، وتنسيقاً عالياً بين المنظمات والصحافيين والمدونين على الأقل".
- المزاجية بتطبيق القوانين وخضوع وسائل الإعلام العراقية تفشل أي ميثاق شرف مهني
وعزا رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، مصطفى ناصر، عدم وجود ميثاق شرف إعلامي في العراق، إلى تطبيق القوانين بـ"مزاجية"، وإتباع غالبية وسائل الإعلام المحلية ايديولوجيات معينة نتيجة ارتباطها بكتل أو أحزاب سياسية.
وقال ناصر، إن "المواثيق الإعلامية غير ملزمة قانونياً، إنما اختيارياً وأخلاقياً"، مشيراً إلى أن القوانين "تطبق في العراق بمزاجية ما يعني فشل أي مواثيق يراد تطبيقها، لاسيما أن غالبية وسائل الإعلام العراقية تحمل أيديولوجيات سياسية وطائفية وعرقية محددة، ما يتقاطع تماماً مع أي ميثاق شرف أو عمل صحافي مهني في الوقت الراهن".
وتابع الإعلامي والناشط المدنية، لقد "درست مع زملاء قبل نحو سنتين إمكانية إعداد قائمة سوداء تضم أسماء السياسيين المثيرين للنعرات الطائفية والكراهية، بناء على تقرير أصدره بيت الإعلام العراقي، بعنوان خطاب الكراهية، تضمن معطيات مهمة بهذا الشأن، لكن للأسف الشديد عجزنا عن ذلك لأن أيديولوجية الفضائيات ووسائل الإعلام لم تكن تنسجم مع رؤيتنا".
- مقتل أو جرح ما لا يقل عن 26 صحافياً بالمناطق الساخنة منذ عام 2014
وأكد رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، أن تنظيم داعش أعدم 11 صحفيا في الموصل واختطاف 12 آخرين، على الأقل، منذ احتلاله المدينة، شمالي العراق، في حزيران من سنة 2014، وحتى نهاية 2015، مبيناً أن الأسرة الصحافية العراقية فقدت بدورها خمسة مراسلين أو مصورين حتى نهاية عام 2015 المنصرم، خلال مرافقتهم القوات الأمنية، في حين فقدن خلال عام 2016 الحالي اثنين آخرين وجرح ثمانية آخرون، بنيران ذلك التنظيم المتطرف، فضلاً عما فقده الإعلام الحربي من زملاء .
وقال ناصر، أن تنظيم داعش المتطرف، "قام خلال المدة من 2014 إلى 2015 بإعدام 11 صحفيا واختطاف 12 آخرين، بحسب التقارير الواردة من الموصل"، مضيفاً أنه منذ 2015 وحتى اللحظة قام التنظيم بـ"تصفية مجموعة من الصحافيين اتهمهم بالتخابر مع جهات خارجية أو الأجهزة الأمنية"، مستدركاً "لكن حتى اللحظة لا تتوافر إحصائية دقيقة ومؤكدة بهذا الشأن نظرا لصعوبة الحصول على معلومات من داخل الموصل وغيرها من المناط المحتلة".
وتابع رئيس الجمعية، أن الأسرة الصحافية العراقية "خسرت حتى نهاية عام 2015 المنصرم، خمسة مراسلين أو مصورين حربيين بنيران مسلحي داعش"، مستطرداً أن "اثنين من الإعلاميين استشهدوا بنيران مسلحي داعش، اثناء مرافقتهم القوات الامنية، منذ بداية سنة 2016 الحالية وحتى الآن، كما أصيب ثمانية آخرين بجروح مختلفة، فضلاً عن إصابة مصورين أو مراسلين عاملين في الإعلام الحربي".