معلومات ذهبية لممارسة التصوير الصحفي في مناطق النزاعات
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > معلومات ذهبية لممارسة التصوير الصحفي...
يعدّ التصوير في مناطق النزاعات والحروب عملاً محفوفًا بالمخاطر، لكنّ صورة واحدة تلتقطها عدسة مراسل حربي تعبّر أكثر بأضعاف من سرد طويل فيه مئات الكلمات، لأنّها تنقل الحدث كما هو وبدقّة عالية. وفي حين يُطرح سؤال حول سلامة المصوّر الصحفي في الميدان، لا بدّ من التأكيد أنّه لا يجب أن يضحّي بنفسه وحياته لصالح تحقيق سبق صحفي.
وفي هذا الصدد، قابلت شبكة الصحفيّين الدوليّين، مصور وكالة الأنباء الفرنسيَّة في قطاع غزة محمود الهمص، الذي فاز في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بجائزة "بايو-كالفادوس" الدوليَّة عن فئة "أفضل مراسلي الحروب"، وسألته عن نصائح حول السلامة المهنية للطواقم الإعلامية العاملة في ميدان الحروب وتحديدًا المصورين منهم.
والجدير ذكره أنّ هذه الجائزة أضيفت الى سجل حافل من النجاحات التي حقّقها الهمص، إذ حاز على 13 جائزة دولية خلال مسيرته التي بدأت منذ 17 عامًا؛ وأتت هذه الجوائز التكريميّة لتميُّزه في اقتناص الصور من مناطق النزاعات والحروب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
في حديثه لشبكة الصحفيّين الدوليّين، أكّد الهمص أنّ المصور الصحفي هو المسؤول الأول عن حماية نفسه أثناء عمله في مناطق النزاعات، على الرغم من المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية، التي يتوجّب عليها توفير سبل الحماية والسلامة لطواقمها العاملة تحت وابل من الرصاص والقنابل والصواريخ، ووجّه نصيحةً للمصورين الصحفيين قائلاً إنّ لا شيء يعادل السلامة الشخصية.
وقال الهمص: "تبدأ مهمة الحفاظ على السلامة الشخصية عبر مشاركة المصور الصحفي بدورات توعوية وبرامج تدريبية تحاكي واقع الحروب إلى حدٍّ ما، وذلك بهدف تحسين أدائه في حالة مواجهته لخطر حقيقي"، مشيرًا الى أنّ أي خطأ غير مقصود في الميدان قد يكلف المصور الكثير.
وفي المرحلة التالية للتدرب على التغطية في أجواء تحاكي مناطق النزاعات، وقبل التوجه إلى الميدان، ينصح الهمص بدارسة المنطقة المراد التوجه لها جيدًا، بما يشمل التعرف الدقيق إلى جغرافيا المكان واتجاهات المخارج وعادات سكّانه، وما نوع التصاريح المطلوبة قبل الدخول لمنطقة التغطية.
وأضاف الهمص: "يستلزم الإعداد أيضًا الاطلاع على نوع وتاريخ الصراع القائم، أي هل هو سياسي أو طائفي أو عسكري، إضافةً الى معرفة نوعية الأسلحة المستخدمة في النزاع بما يضمن التعامل مع آثارها عند استخدامها فجأةً، كالأسلحة الكيماويّة مثلًا".
ويشدد الهمص على أهمية وضع خطة سابقة تُحدّد فيها المخاطر المتوقعة وغير المتوقعة التي قد تصطدم بها وكيف يمكن مواجهتها، وذلك إن تعرضت للإصابة أو الاختطاف أو فقدان وتعطُّل المعدات اللوجستية.
ومن المهم جدًّا أن تخرج إلى المهمَّة بسيارة تناسب طبيعة تربة المكان ومصفَّحة ضد الرصاص، وأن تَعُدَّ حقيبة الإسعافات الأوليَّة، وتتحقق من صلاحيَّة الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونيَّة ومعدات التصوير و أن تصطحب جهاز تحديد المواقع "GPS"، بحسب ما أوضح الهمص.
وتشمل السلامة الشخصية أيضًا محافظة المصوّر على لياقته، وهنا يوضح الهمص قائلاً: "التطورات الميدانية غير المتوقعة كتعطل السيارة، قد تفرض عليك السير مشيًا على الأقدام لمسافات طويلة، أو تجبرك على الركض نحو الأماكن الآمنة، لذلك حافِظ على لياقتك البدنية ومارِس الرياضة دومًا".
وبعد النزول إلى الميدان، ينصحك الهمص قبل أي شيء بارتداء الشارات المميِّزة لعملك مصوّرًا صحفيًّا، كالسترة الواقية الموسومة بإشارةPress ، وكذلك على المصوّر الصحفي امتلاك "خوذة الرأس" الموسومة بالكلمة ذاتها، وقناع للحماية من الغازات السامة.
وشدّد الهمص أنّه "على المصور الحربي أن يتسلح أكثر بالمهارات الأساسيَّة للمصورين خاصَّة سرعة البديهة وقوة الملاحظة والالتزام بالحياديَّة والموضوعيَّة في نقل الصورة من دون أيِّ انحياز مع أحد الأطراف المتنازعة"، مضيفًا أنّه يجب عليه أيضًا أن يبقى على تواصل دائم مع قسم التصوير في مؤسسته، وذلك بأجهزة الاتصال الحديثة التي تتيح خدمة الإنترنت الفضائيّ عبر الأقمار الصناعيَّة في مختلف المناطق وتحديدًا الصحراوية منها.
وتوجّه الهمص للمصوّر الصحفي بالقول: "يجب أن تعمل في إطار مجموعات لرفع مستوى السلامة، ولا تقف في المنطقة الفاصلة بين الطرفين المتنازعين، وكذلك شكِّل شبكة تواصل مع مرشدين من أهل المنطقة حتى تستعين بهم في الطوارئ، وكي لا تتورّط في الدخول إلى أماكن لا تعرف عنها شيئًا". وينصح الهمص أيضًا بالحرص على استخدام عدسات تصوير ملائمة للأحداث وتحديدًا "الزوم"، لكونها تبعدك عن مناطق الخطر قدر الإمكان.
ويشير الهمص إلى أهمية اختيارك الوقت المناسب للتنقل، فالخروج في ساعات حظر التجوال قد يعرِّضك للأذى، والدخول في منطقة خاضعة للحصار من أحد الأطراف المتنازعة سيعرِّضك للاعتقال.
ويدل الهمص على ذلك بالقول: "خلال تغطيتي للثورة الليبية أواخر فبراير/ شباط 2011، دخلت برفقة فريق المصوّرين إلى منطقة بمدينة بريقا، شرق ليبيا، وحينها كان هناك قوات تستعدّ لإغلاق آخر منافذ المنطقة قبل فرض الطوق الكامل عليها، ولولا تحذير السكان المحليّين وخروجنا بسرعة لكنّا الآن في عداد المفقودين".
كما تطرّق الهمص إلى أهمية خضوع المصوِّر للعلاج النفسيِّ إن استشعر أنَّ الصور الدامية قد انعكست عليه سلبًا، بعد عودته من ميدان النزاعات والحروب.
وأخيرًا يمكن الإطلاع على دليل السلامة المهنيَّة للصحفيّين الميدانيّين في العالم العربيِّ والشرق الأوسط، الذي أطلقه الاتحاد الدوليُّ للصحفيّين بمناسبة الذكرى السنويَّة العشرين لليوم العالميِّ لحريَّة الصحافة.
*عن شبكة الصحفيين الدولية