أهمية بالغة للصحافة الصحية تقابلها تحديات كبيرة في العالم العربي
الصفحة الرئيسية > أخبار وملفات > أهمية بالغة للصحافة الصحية تقابلها...
في الوقت الذي تحظى فيه أنواع محددة من التغطية الصحفية باهتمام واسع وبعدد كبير من المتمرسين بها، كالصحافة السياسية أو الرياضية أو الفنية، تبقى الصحافة الصحية شبه معدودة في المنطقة العربية، رغم أهميتها وارتباطها باهتمامات الناس كافة، على عكس التخصصات الأخرى التي تجذب جمهورًا محدَّدًا غالبًا.
وتُعرَّف الصحافة الصحية بأنها مجموع الأنشطة الإعلامية التي تتنوع ما بين متابعة وجمع وتحليل ثم تدقيق ونشر، والهادفة لرفع الوعي والتثقيف الصحي عند مختلف القطاعات المجتمعية، وإعلام الجمهور -سواء المتخصص أو العام- بما هو جديد من اختراعات وعلاجات ومخاطر.
وتهتم الصحافة الصحية بتغطية جميع القضايا الطبية التي تؤثر في صحة الإنسان تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر، والإنجازات العلمية الطبية، وأحدث ما يطرح في المؤتمرات العالمية، واستنتاجات البحوث والتجارب في المسائل الطبية المتنوعة، إضافة إلى التعريف بالأمراض وأبعادها وسبل الوقاية منها.
وتناقش الصحافة الصحية ظروف الرعاية الأولية والصحة العامة على مختلف المستويات، وتسلط الضوء على حال القوانين واللوائح المنظمة للقطاع الصحي العام والخاص، مع مراقبة أدائه بالطبع. وكذلك تمارس الصحافة كسلطة رابعة دور الرقيب على الجهات المختصة حول مدى الاهتمام بالجانب البحثي والتطويري ومجالات الاستثمار الصحي بما يتوافق مع تطلعات واحتياجات أفراد المجتمع المحلي.
وتعطي الصحافة الصحية مساحة واسعة لاستعراض قصص نجاح وتجارب المرضى وحكاياتهم في التعايش مع الأمراض المختلفة وكيفية الانتصار عليها، وتقدم تلك الأخبار غالبًا في قالب قصصي إنساني ينال رواجًا لدى الجمهور.
ورغم أهمية الدور الذي تلعبه الصحافة الصحية وفق ما اتضح سابقًا، فإنها لا تلقى اهتمامًا كافيًا في الصحافة العربية كمجال متخصص قائم بذاته، الأمر الذي يجعل المتلقي عرضة لسيل من الأخبار الزائفة دون رقيب أو حسيب، وفي الوقت ذاته تتسبب تلك المعلومات غير الدقيقة بتداعيات سلبية على الصحة العامة.
تحديات وحلول
وفي هذا السياق، يقول الصحفي المتخصص بالقطاع الصحي محمد زلوم، لـشبكة الصحفيين الدوليين: إن "غالبية المصادر العربية تعالج القضايا الصحية بطريقة سطحية بعيدًا عن العمق المطلوب، ومعتمدة على المصادر الأجنبية في استقاء الأخبار والنشرات من دون الانتباه إلى الواقع المحلي القريب واحتياجاته".
ويرجع زلوم أسباب عزوف الصحفيين عن التخصص بالصحافة الصحية سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، للاعتقاد بأنه مجال معقد جدًّا وبحاجة إلى اطلاع واسع ومتشعب، وكذلك بسبب الاعتقاد أن حدود الصحافة الصحية لا تتجاوز ما يصدر من أخبار علاقات عامة.
ويضيف: "من التحديات التي تواجه الصحافة الصحية ضعف الوعي بأهمية دورها، لذلك نجد وسائل الإعلام على اختلاف تصنيفاتها تخصص مساحات ثابتة لمواضيع سياسية أو اقتصادية أو للفن، ولكنها لا تولي اهتمامًا بالمواضيع الطبية، وإن طرحت فتأتي في سياق المواضيع الترفيهية أو المنوعات، وشمولية المعالجة تغيب عنها".
والتحدي الآخر يتمثل في ندرة الخبرات المؤهلة والقادرة على تأهيل صحفيين طبيين، وغياب الخطط التي تعمل على تطوير هذا التخصص وتوسيع آفاقه أمام الصحفيين الناشئين، "فالصحفي بحاجة إلى خبرة الطبيب حتى يخرج بمادة صحفية دقيقة، وكذلك الطبيب بحاجة إلى الصحفي حتى يستطيع صياغة فكرته في قالب صحفي يقدم للجمهور".
ويرى زلوم أن مهمة معالجة تلك التحديات تقع أولًا على عاتق رؤساء التحرير، إذ بإمكانهم تشجيع وتخصيص بعض الصحفيين للمجال الصحي مع توفير الدعم والإمكانات لهم وصقل مهاراتهم بشكل مدروس، إضافة لضرورة رفع مستوى التعاون بين الصحفيين والجهات المعنية بالصحة.
وأيضًا تقع تلك المهمة على عاتق الجهات التي ترعى مصالح الصحفيين، إذ بإمكانها تنظيم لقاءات تثقيفية حول الصحافة الصحية وربط الصحفيين المحليين بخبرات أجنبية أو إرسال في بعثات خارجية.
ويشير زلوم إلى أن المواضيع الصحية باتت منذ عدة سنوات محط اهتمام متزايد لدى الصحفيين الاستقصائيين، الذين يسعون لكشف قضايا فساد مرتبطة بالصحة العامة، ولكن يبقى المطلوب التخصص أكثر في المعالجة الصحفية، والذهاب نحو العمق بمختلف أنماط الكتابة المتمثلة بالخبر والتقرير والمقال والحوار إضافة للتحقيق.
والكتابة في شؤون الصحة رسالة سامية تتخلص في مساعدة الناس في الحفاظ على حياتهم قدر الإمكان وفق قاعدة "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، ولذلك فإن دقة ومصداقية ووضوح المعلومة ومصدرها هي العنصر الأول والأهم عند الكتابة في هذا المجال المهم.